والمهين: حقير الرأي والتمييز.
{هَمَّازٍ}، عياب طعان.
قال ابن جرير: والهمز أصله الغمز، فقيل للمغتاب: هماز لأنه يطعن في أعراض الناس بما يكرهون، وذلك غمز عليهم.
{مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} نقال لحديث الناس بعضهم إلى بعض للإفساد بينهم.
{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ} أي: بخيل بالمال ضنين به.
والخير هنا المال، ولهذا نرى آيات في القرآن الكريم يطلق فيها الخير على المال، كقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات:8] وقوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة:180] يعني: إن ترك مالاً.
فكذلك هنا {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} أي: بخيل بالمال ضنين به.
وقيل: {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} صاد عن الإسلام.
(معتدٍ) أي: على الناس متجاوز في ظلمهم، (أثيم) أي: كثير الآثام.
(عتل): جافٍ غليظ.
{بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} دعي ملصق في نسب القوم وليس منهم.
أو (زنيم) بمعنى أنه مريب يعرف بالشر.
قال ابن جرير: ومعنى (بعد ذلك) في هذا الموضع (مع).
أي: عتل مع ذلك زنيم.
وقال الشهاب: الإشارة لجميع ما قبله من النقائص لا للأخير فقط.
يعني أن الله سبحانه وتعالى ذم هذا الشخص المذكور فقال: ((وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ)) أي: بعد هذه الأوصاف المذكورة هو زنيم.
وقال بعض العلماء: الإشارة في قوله: (بعد ذلك) إلى صفة العتل، أي: هو عتل مع كونه زنيماً.
وهي للدلالة على أن ما بعده أعظم في القبح، فـ (بعد) هنا، كـ (ثم) الدالة على التفاوت الرسلي، كما قال تبارك وتعالى: (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم:4].
واختلف المفسرون في المقصود بالخطاب، قيل: هو الأخنس بن شريق.
وقيل: الأسود بن عبد يغوث.
وقيل: عبد الرحمن بن الأسود.
وقيل: الوليد بن المغيرة.
ولعل الأشهر أنها في الوليد بن المغيرة.
ثم يقول الله تبارك وتعالى: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} قال الزمخشري: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}.
متعلق بقوله.
(ولا تطع).
يعني: ((وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ)) إلى قوله: ((أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ))، يعني: ولا تطعه مع هذه المساوئ لأن كان ذا مال وبنين، فما فائدة المال والبنين إذا كان متصفاً بهذه الصفات والأخلاق السيئة كلها.
؟ يعني: لا تطعه ليساره وحظه من الدنيا.
ويجوز أن تكون متعلقة بما يأتي، وهو {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} يعني: لكونه متمولاً مستظهراً بالبنين.
كذب بآياتنا.
((إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا)) أي: تقرأ عليه آيات كتابنا (قال أساطير الأولين) أي: هذا مما كتبه الأولون؛ استهزاءً به وإنكاراً أن يكون ذلك من عند الله تبارك وتعالى.