كفارة الظهار واجبة على الترتيب بلا خلاف، ولابد فيها من النية سواء كانت عتقاً أو صياماً أو إطعاماً.
وفي حالة الصيام لابد أن ينوي في الليل أن صيامه فريضة وأنه واجب عليه، كصيام رمضان.
أما في عتق الرقبة فالنية تكون مع نفس فعل العتق أو قبله.
كذلك في إطعام ستين مسكيناً تكون النية مع الفعل أو قبله؛ لأن النية تفرق بين أنواع الكفارات؛ ولأن النية أيضاً تفرق بين الفرض والنفل، فلذلك لابد لهذه الأفعال من النية.
أول ما يجب في كفارة الظهار الإعتاق، وقد أطلقت الرقبة في الآية، فهل تجزئ أي رقبة ولو كانت كافرة؟ ذهب الحنفية إلى أنه يجزئ في الكفارة إعتاق الرقبة الكافرة والمؤمنة والذكر والأنثى والكبير والصغير ولو رضيعاً؛ لأن الاسم ينطبق على كل ذلك.
وذهب الشافعية والمالكية إلى اشتراط الإيمان في الرقبة، فلا يصح عتق غير المؤمن حملاً للمطلق على المقيد في آية القتل في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء:92] بجامع السبب في كل منهما، أي أن سبب هذا محرم وهو القتل الخطأ، وسبب الكفارة هنا محرم وهو الظهار.
وقال الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد إلا بحكم واحد في حادثة واحدة؛ لأنه حينئذ يلزم ذلك لزوماً عقلياً، إذ الشيء نفسه لا يكون مطلوباً إدخاله في الوجوب مطلقاً ومقيداً، كالصوم في كفارة اليمين ورد مطلقاً ومقيداً بالتتابع في القراءة المشهورة التي تجوز القراءة بمثلها.
أما الإمام أحمد ففي المسألة عنه روايتان على التفصيل الذي ذكرناه.
فمن لم يستطع عتق رقبة ينتقل إلى صيام شهرين متتابعين، ولابد أن يعتبر الشهر بالهلال، فلا فرق بين التام والناقص، فلو شرع في أول يوم من رجب وكان رجب تسعة وعشرين يوماً، وشعبان مثله، لم يعد ناقصاً؛ لأنه صام شهرين متتابعين، فيعتبر الشهر بالهلال وليس بعدد الأيام، فلا فرق بين التام والناقص.
أما إن صام بغير الأهلة، كأن صام يوم خمسة عشر من شهر جماد الآخر، فلابد من ستين يوماً عند الحنفية، وعند الشافعية والمالكية يصوم إلى الهلال ثم يصوم شهراً بالهلال ثم يتم الأول بالعدد حتى يتم شهرين متتابعين، وبالمعنى الشرعي لا يجوز له أن يفطر فيهما، ولا أن يصوم فيهما عن غير الكفارة، فلو صام أثناء الشهرين تطوعاً أو قضاء أو عن نذر أو غير ذلك انقطع التتابع، فيعيد صيام شهرين متصلين.
وكذلك لو أفطر لغير عذر يعيد الصوم من جديد.
فإن تخلل صومهما صوم شهر رمضان، بأن بدأ صيام الشهرين في شعبان، ثم بدأ بصيام شهر رمضان، ففي هذه الحالة لا ينقطع التتابع لتعين رمضان للصوم الواجب فيه، أو تخلله فطر يجب كعيد وأيام التشريق لم ينقطع التتابع لتعين الفطر فيه؛ لأنه زمن منعه الشرع عن صومه.
وإن أفطر لعذر يبيح الفطر كسفر لم ينقطع التتابع.
هذا باختصار فيما يتعلق بصيام الشهرين متتابعين.
والحالة الثالثة: إن عجز عن عتق رقبة وعن صيام شهرين؛ فيطعم ستين مسكيناً، فمن لم يستطع الصيام أو لم يستطع تتابعه لسبب من كبر أو فرط شهوة أو مرض لا يرجى زواله عادة بقول طبيب فعليه إطعام ستين مسكيناً.