قال الله عز وجل: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد:20].
قوله: ((اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ))، يعني: تفريح، ((وَلَهْوٌ)) يعني: باطل.
((وَزِينَةٌ)) أي: منظر حسن.
((وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ)) أي: في الحسب والنسب.
((وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ))، أي: كمثل مطر.
((أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ))، يعني بالكفار هنا الزراع؛ لأنهم يكفرون البذر والحب داخل أرضه، والكفر بمعنى الستر والتغطية كما في قوله تعالى: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح:29]، يعني: يعجب الزراع أن الزرع نما، فيغيظ الكفار أن الجذور ما نمت، فكذلك قوله هنا: ((كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ))، أي: الزراع، يعني: أن الزارع يزرع الحب، فإذا رأى نباتاً مزدهراً مثمراً لا شك أنه يعجبه، كما قال سبحانه: ((أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ))، أي: أن هذا الزرع يهيج، يعني: يجف بعد خضرته ونضرته.
وقوله: ((فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا))، أي: من اليبس، ((ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا))، أي: هشيماً متكسراً، وكذلك الدنيا لا تبقى كما لا يبقى النبات.
وقوله: ((وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ))، أي: لمن ترك طاعة الله، ومنع حق الله.
وقوله: ((وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ))، أي: في الآخرة لمن أطاع الله، وأدى حق الله من ماله.
وقوله: ((وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ))، قال المهايمي: يأخذ صاحبها ملاعب الدنيا بدل ملاعب الحور العين، ولهوها بملاذ الجنة، وزينتها بزينة الجنة، والتفاخر بدل التفاخر بجوار الله والقرب منه، والتكاثر بالأموال والأولاد بدل نعم الله والولدان المخلدين في الجنة.