قيل: إن لفظة: (اسم) مقحمة, كقول الشاعر لبيد بن ربيعة في قصيدة يخاطب فيها بنتيه: تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر ثم قام يوصيهن بماء يفعلان بعد أن يموت: فقوما فقولا بالذي قد علمتما ولا تخمشا وجهاً ولا تحلقا شعر فقولا هو المرء الذي لا خليله أضاع ولا خان الصديق ولا غدر إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر لأن الحداد في الجاهلية كان يستمر سنة كاملة.
قوله: (إلى الحول) يعني: ابكيا ومجداني واذكرا محاسني مدة سنة كاملة.
قوله: (ثم اسم السلام عليكما) هذا شاهد لإقحام لفظة (اسم).
وقول الله تبارك وتعالى هنا في آخر هذه السورة الكريمة: ((تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)) يعني: كأنه من باب رد العجز على الصدر؛ لأن السورة افتتحت بالاسم الكريم: ((الرَّحْمَنُ)) واختتمت بقوله: ((تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)) فكأن المراد بقوله: ((تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)) كأنه يريد الاسم الذي افتتحت به هذه السورة وهو اسم (الرحمن)، فافتتح السورة بهذا الاسم فوصف خلق الإنسان والجن وخلق السماوات والأرض وصنعه، وأنه عز وجل كل يوم هو في شأن، ووصف تدبيره فيه، ثم وصف يوم القيامة وأهواله وصفة النار، ثم ختمها بصفة الجنان، ثم قال في آخر السورة: ((تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)) أي: تبارك هذا الاسم الذي افتتح به هذه السورة، كأنه سبحانه وتعالى يعلمهم أن هذا كله خرج لكم من رحمتي, فمن رحمتي خلقتكم, ومن رحمتي خلقت لكم السماء والأرض, ومن رحمتي خلقت الخلق والخليقة والجنة والنار, فهذا كله لكم من اسم الرحمن، فمدح اسمه ثم قال: ((ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)) يعني: أنه جليل في ذاته كريم في أفعاله سبحانه وتعالى.