سبب إسلام عكرمة بن أبي جهل رضي الله تعالى عنه: أنه لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة خرج فاراً منه إلى بلاد الحبشة، فركب في البحر متوجهاً إلى الحبشة، فجاءتهم ريح عاصف؛ فقال القوم بعضهم لبعض: إنه لا يغني عنكم إلا أن تدعوا الله وحده، فقال عكرمة في نفسه: والله إن كان لا ينفع في البحر غيره فإنه لا ينفع في البر غيره، اللهم لك علي عهد لئن أخرجتني منه لأذهبن فلأضعن يدي في يد محمد صلى الله عليه وسلم، فلأجدنه رءوفاً رحيماً! فخرجوا من البحر فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه رضي الله تبارك وتعالى عنه.
وللأسف أنه يوجد بعض المتسمين باسم الإسلام وهم أسوأ حالاً من هؤلاء الكفار المذكورين؛ لأنهم في وقت الشدائد يلجئون لغير الله طالبين منه ما يطلب المؤمنون من الله عز وجل، كما يفعلون عند قبور الأنبياء ومن يعتقدون فيهم الصلاح، وهذا معروف ومجرب، وهناك أخبار كثيرة منقولة منها: أن الشخص يحلف بالله كاذباً يميناً غموساً لا يبالي، لكن إذا قلت له: احلف بشيخك، أو احلف بـ البدوي أو بـ الحسين أو بكذا، يتلعثم ويتردد ثم يقر بالحق! فهذا لا شك أنه من تلبيس إبليس على هؤلاء الناس الذين يصرفون خصائص الربوبية لغير الله.
ويقول تبارك وتعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:79 - 80]، بل الذي كان يأمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو ما يأمره الله بالأمر به، فإن الله أمر في قوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64].