وأقسم سبحانه وتعالى على تزكية نفسه صلى الله عليه وسلم وعصمتها من الآثام لمقامه الشريف، فالله سبحانه وتعالى زكى فؤاده ولسانه وجوارحه صلى الله عليه وسلم.
فزكى قلبه بقوله: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم:11].
وزكى لسانه بقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3 - 4].
وزكى بصره بقوله: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم:17].
وقال تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم:1] أقسم جل وعلا بما أقسم به من عظيم قسمه على تنزيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بما غمصته الكفرة به.
وآنسه بقوله: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم:2]، وهذه نهاية المبرة في الخطاب.
ثم أعلمه بما له عنده من نعيم دائم، وثواب غير منقطع لا يمن به عليه فقال: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} [القلم:3].
ثم أثنى عليه صلوات الله وسلامه عليه بما منحه من هبات وهداه إليه، وأكد ذلك تسليماً للتمجيد بحرفي التأكيد فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] صلى الله عليه وآله وسلم، و (إنك) توكيد بـ (إن)، وتوكيد باللام، فهو لعلى خلق عظيم، وهذا المديح لم يحصل لأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل: إن خلقك عظيم، وإنما قال: ((وَإِنَّكَ لَعَلى))، فهي تدل على نسبة التمكن والرسوخ في حسن وعظمة هذا الخلق.