لقد احتج أيضاً على أحقية التوحيد وبطلان الشرك، بما هو من خصائصه عز وجل من بدء الخلق وإعادته، فقال سبحانه وتعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [يونس:34].
((قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ)) أي: هل يوجد أحد من هذه الآلهة التي تشركون بها مع الله سبحانه وتعالى من يبدأ الخلق من النطفة، ويجعل فيه الروح ليتعرف إليه، ثم يحييه يوم القيامة ليجزيه بما أسلف في الأيام الخالية؟! وإنما نظمت الإعادة في سلك الاحتجاج مع عدم اعترافهم بها إيذاناً بظهور برهانها من الأدلة القائمة على الإعادة والبعث والنشور سمعاً وعقلاً، وأن إنكارها مكابرة وعناد لا يلتفت إليه.
يعني: كنتم تقولون: إن الله سبحانه وتعالى هو الذي بدأ الخلق، فليس لكم عذر في أن تجحدوا أنه يعيد الخلق؛ لأن الذي يقدر على الإبداء قادر بطريق الأولى على أن يعيده.
ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يبين لهم من يفعل ذلك بقوله: ((قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)) أي: كيف تصرفون إلى عبادة غيره ممن لا يقدر على ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى.