الحق الثاني للزوج على زوجته: أن تشكر فضله وإحسانه، وهذا موضوع هام؛ لأن كفران العشير من صفات غالب النساء، أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان: باب كفران العشير، وكفر دون كفر، ثم ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أريت النار فوجدت أكثر أهلها النساء، قلنا: يا رسول الله! يكفرن بالله؟ قال: لا، بل يكفرن العشير والإحسان، إن أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً تقول: والله! ما رأيت منك خيراً قط)، يعني: أن على الزوجة أن تذكر فضل الزوج، وأن تذكر إحسانه، وأن تشكره، ولكن الغالب من النساء لا يفعلن ذلك، ففي حديث أم زرع الذي رواه البخاري في صحيحه: أنه جلست إحدى عشرة امرأة يذكرن ما لأزواجهن وما عليهن، فثمان منهن ذكرن المصائب، وثلاث فقط ذكرن المزايا، فهذا يبين لك أن الغالب لا يعترفن بالإحسان وبالفضل، قالت إحداهن: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولا يبسط الكف؛ ليعرف البث.
والمقصود أنها تقول: زوجي إذا أكل يأتي على الطعام ولا يبقي منه شيئاً، فهو أكول، وإذا شرب يأتي على الماء فلا يبقي منه شيئاً، وإذا نام التف، أي: يلتف في لحافه ولا يسأل عنها، ولا يبسط يده ليطمئن على حال زوجته، وهذا ذكر مساوئ.
والثانية ذكرت المساوئ أيضاً فقالت: زوجي إن دخل فهد، أي: أنه إذا دخل البيت فهد، وإن خرج أسد، أي: وفي الخارج أسد، لكنه لا يسأل عما عهد، يعني: لا شأن له بحال البيت.
وقالت الثالثة: زوجي العشنق، يعني: لا عقل له، إن أسكت أعلق، وإن أنطق أطلق، أي: إن سكتُّ يعلقني لا طلاق ولا إبقاء، وإن نطقت طلقني.
انظروا إلى ذكر المساوئ، فينبغي على الزوجة أن تذكر محاسن الزوج، وأن تغض الطرف عن عيوبه، هذا هو الأصل، ولذلك قال العلماء: أن تذكر فضله وإحسانه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذرهن من ذلك.