إن فتنة العلماء وبلاء العلماء أمر معروف ومعلوم، فلا تجد عالماً من علماء السلف ليس له بلاء، وإنما لابد أن يبتلى، فالإمام مالك قد ابتلي في طلاق المكره، وذلك عندما ولي أمر المدينة والٍ بالإكراه، وفي مجلس للإمام سأل أحدهم الإمام: هل يقع طلاق المكره؟ فالسؤال عن الطلاق، لكن المعنى في بطن الشاعر، فقال مالك: طلاق المكره لا يقع.
إذاً: بالقياس بيعة المكره لا تقع، فانتقلت هذه الفتوى ووصلت إلى والي المدينة، فاستدعى الإمام مالكاً رحمه الله تعالى، وطلب منه الرجوع عن هذه الفتوى والقول بوقوع طلاق المكره، وهذه فتوى تسمى بحسب الطلب، فرفض ذلك الإمام مالك رحمه الله، فجلده الوالي جلداً شديداً حتى شلت إحدى يديه، فكان لا يستطيع أن يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، وهذا هو السبب في أن مالكاً كان لا يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، وهذا كله إن دل فإنما يدل على أن العلم أمانة، وأن الدين أمانة، فإن قلتها مت، وإن لم تقلها مت، فقلها ومت عزيزاً رافع الرأس، وفي الأخير فالبلاء في سيرة السلف متعدد لكن المقام لا يتسع لأكثر من هذا.