الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فأيها الإخوة الكرام الأحباب! تلك التدابير والوسائل والسبل وضعها الإسلام؛ لأجل أن يغلق أبواب تلك الفاحشة، لذلك قال ربنا سبحانه: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء:32].
ومن صفات عباد الرحمن: {وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان:68]، وفي الحديث الذي رواه البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم -في الرؤيا التي رآها- رأى أناساً عراةً في تنور واسع من الأسفل، ضيق من الأعلى، تخرج من تحتهم نار وهو يصطرخون، فلما سأل عن ذلك المشهد، قيل له: أولئك هم الزناة)، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)، هناك شباب كثيرون يقول بعضهم: أنا لا أستطيع مفارقة هذه الفاحشة لأن جارتي تطاردني، وصديقتي تلاحقني كلما أردت أن أبتعد، والحل في أمر واحد وهو: اهجر المكان وارحل إلى بلد آخر؛ لأن هجر مكان المعصية أمر واجب عليك، كذلك هجر أصدقاء السوء، أما أن تقول: أريد أن أتوب ولا زالت العلاقة دائمة، ولا زال الاختلاط قائماً، هذا لا يدعو أبداً إلى التوبة، ولذلك جاء في الحديث عند البخاري ومسلم: (كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين)، والحديث معروف.
وخرج علينا الآن من أرباب العلمانية الضالة من يكتب عن هذا الحديث أنه تخاريف، أين حق المجتمع، الرجل قتل مائة نفس ثم يتوب دون أن يأخذ المجتمع الحق منه؟ هذا كلام باطل لوثوا به عقول الشباب، هكذا يقولون عنا، فهل نحن لوثنا عقول الشباب؟ أم عقلك أنت الملوث، أما قرأت في الحديث: (كان فيمن كان قبلكم) أنه يدل على أن هذا كان في شرع من قبلنا، قبل أن تكون هناك دولة ونظام وهيئة تنفيذية وقضائية، ومحاكم كانت مجتمعات بدائية، والحديث يشير إلى سعة رحمة الله عز وجل، فهو يغفر الذنوب جميعاً سبحانه وتعالى.
والشاهد من الحديث: أن العالم قال للرجل: ارحل عن القرية الظالمة واذهب إلى قرية صالحة، ذاك هو أول طريق للتوبة: أن ترحل عن مكان السوء والمعاصي.
ومن الأمور التي تجلب الفواحش إلى مجتمعاتنا: السفر إلى بلاد الكفر بحجة العمل والتجارة، ماذا ستشاهد في بلاد الكفر؟ هل ستسمع نداء صلاة الفجر؟ هل ستقوم الليل مع إخوانك؟ أم أنك سترى العناق والقبلات، والرجل يواقع المرأة في قارعة الطريق باسم الحرية، في تلك المجتمعات التي نخرها السوس وأوشكت على الهلاك والدمار.
اللهم احفظ عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظ يا رب فروجنا، وطهر يا رب عيوننا وأفئدتنا.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إنا نسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً، ونسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، ونسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا، اللهم اعف عنا، وعلى طاعتك أعنا، ومن شرور خلقك يا رب سلمنا.
اللهم ارزقنا قبل الموت توبة، وارزقنا عند الاحتضار شهادة، وبعد الموت جنة ونعيماً.
اللهم أصلح نساءنا، واحفظ عوراتنا، وطهر قلوبنا.
اللهم عليك باليهود ومن والاهم.
اللهم من أرادنا والإسلام بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام بشر فاجعل كيده في نحره، وأهلكه كما أهلكت عاداً وثمود وفرعون.
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، وعلمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما أنسينا، وارزقنا حب القرآن وارزقنا نور القرآن، وارزقنا حفظ القرآن، وارزقنا فهم القرآن.
اللهم ألف بين قلوبنا، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.