الحياء من صفات الله سبحانه ومن صفات الأنبياء والمؤمنين

الحياء صفة من صفات رب العالمين، وفي الحديث الصحيح: (إن الله حيي كريم، يستحي أن يرفع الرجل يده إليه فيردهما صفراً خائبتين)، ولذلك ربنا رحيم يحب الرحماء، كريم يحب الكرماء، حيي يحب أصحاب الحياء سبحانه وتعالى.

جاء في كتاب العلم عند البخاري باب من اغتسل عرياناً وحده، ومن شدة حياء بعض الصحابة كـ عثمان أنه كان إذا اغتسل بمفرده ما قام وما انتصب، إنما كان يغتسل وهو جالس حياءً من ربه.

أما بنو إسرائيل فقد كانوا يغتسلون عرايا مع بعضهم البعض، لكن موسى عليه السلام كان رجلاً حيياً شديد الحياء، كان يغتسل وحده، وكما هو معلوم أن اليهود هم مصدر الإشاعات ومروجوها في الدنيا، فقال بنو إسرائيل: إن موسى لا يغتسل معنا؛ لأن به أدرة -أي: انتفاخ في الخصيتين- وشاع هذا بين بني إسرائيل فآذوه معنوياً، فنزل موسى يوماً يغتسل وحده وقد وضع ملابسه على حجر وبيده عصاه، وخرج بعد أن اغتسل، فإذا بالحجر يأخذ ملابسه ويجري، وهو يسير خلف الحجر ويقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، وبينما هو يجري خلف الحجر مر على قوم من بني إسرائيل؛ فنظروا إليه فإذا به أحسن ما خلق الله، قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب:69].

وقد راعى الإسلام الحياء في مسألة الزواج، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا الثيب حتى تستأمر، قالت عائشة: يا رسول الله إذاً تستحي).

أي: أن البكر حينما تسأل: هل تريدين هذا الرجل لك زوجاً، تستحي أن تتكلم، لكن متى كانت تستحي؟ يوم أن كان هناك حياء، أما اليوم فإنها تأتي بالشباب إلى والدها، وتقول: يا أبي أقدم لك بلا فخر زوجي الذي ارتبطت به شئت أم أبيت، فموافقتك لا تقدم ولا تأخر، والحمد لله أنا في الشهر الثالث بالزواج العرفي، وبعض الأمهات تقول لابنتها: إن لم تأتي بزوجك من الجامعة لن تتزوجي أبداً، انصبي الشباك على شاب حددي الهدف، إن أنهيت المرحلة الجامعية دون أن تأتي بفريسة لن تتزوجي، كوني ذكية، ابحثي عن شاب.

(قالت عائشة: يا رسول الله البكر تستحي، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام إذنها صماتها).

يعني: إذا سكتت فهي في حكم الموافقة، تقول أُمنا عائشة رضي الله عنهما كما عند الحاكم وصححه على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي: لما دفن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجرتي كنت أضع الخمار عن رأسي، فلما دفن أبي كنت أضع الخمار، فلما دفن عمر في حجرتي كنت أشد الخمار على رأسي؛ حياءً من عمر في قبره.

الله أكبر! فأين الحياء يا أمة ضاع فيها الحياء؟!!.

أما في الأعراس فحدث ولا حرج: عروس تجلس كاشفة الصدر، كاشفة الرأس والذراعين والمفاتن بجوار زوجها الديوث، والجميع ينظر إليهما، والفيديو يصور، والناس تشاهد، أين الحياء؟ ويسلمها زوجها للكوافير، ويتنازل عن رجولته من أول لحظة، وإن أراد أن يدخل قيل له: اخرج لم ننته بعد، سنعطيها لك حينما ننتهي، ويقف الديوث ساعات على باب الكوافير، بدون حياء، وانظروا إلى المصائب التي تعرض علينا آناء الليل وأطراف النهار لنزع الحياء، ممن انعدمت في قلوبهم مادة الحياء، ويريدون أن ينزعوا منا الحياء، لقد أدخلوا الزنا إلى حجرات نومنا عن طريق القنوات الفضائية، ومسابقة ملكات الجمال حتى آخر صيحة، يقول مقدم البرنامج في قناة النيل: نريد أن نقلب مسابقة ملكات الجمال إلى نوع أكثر تقدماً ومسابقة الإغراء، نريد أن نحول الحكم على الجمال إلى إغراء الرجال، فماذا يريدون بمصرنا؟ لا أدري، إذا استمر الحال على هذا يوشك أن تنزل علينا حجارة من السماء، وذلك إذا رأينا العصاة ووافقناهم على ما هم فيه.

جاءت أم سليم تقول: (يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم، إذا رأت الماء، فقالت أم سلمة: أتحتلم المرأة يا رسول الله؟! قال: تربت يداك يا أم سلمة ففيم يكون الشبه)، فلم يمنع أم سليم الحياء أن تتفقه في دين رب العالمين، لذلك هناك أمور لا حياء فيها، سنتحدث عنها في اللقاء الثاني بعد بيان حياء الأنبياء، وحياء الصحابة والصحابيات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015