إن نزع الحياء من القلب فلا بد أن تعلم أن مادة الإيمان في هذا القلب منعدمة أو ضعيفة، والحياء أصل في فطرة الإنسان، لذلك إذا ما نظرنا إلى واقعنا اليوم نعلم أن البعض منا قد تحلل من الحياء الفطري، فهذا آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بدت له سوأته -وظهور السوأة ينافي الحياء-، فأخذ من ورق الشجرة ليواري به سوأته، وكذلك فعلت حواء، ففهما بالفطرة الغريزية أن ظهور السوأة ينافي الحياء، وانظر يا عبد الله إلى واقعنا فستعلم أن الحياء قد نزع، لا أقول: الحياء الاكتسابي الذي يناله المرء بالتعلم، إنما أصل الحياء قد نزع.
فحينما ترى شاباً يقبل فتاة على مرأى من الجميع والحضور، هل نزع الحياء منه أو لم ينزع؟ وحينما ترى ولي أمر يجلس بين أهل بيته، ويفتح ذلك الجهاز الذي يدمر الأخلاق ويحطمها، فإذا بالبطل يقبل البطلة ويحتضنها، والأسرة تنظر إليه، هل نزع الحياء منه أو لم ينزع؟ نزع الحياء.
وحينما ترى من تسير عارية الشعر والصدر والذراعين والساقين، أو تلبس بنطالاً يجسد عورتها المغلظة، هل نزع الحياء منها أو لم ينزع؟ وحينما ترى إسهاب المرأة في العبارة، وتغنجها في الكلام مع الرجال.
وحينما ترى من يجاهر بالمعصية فلا يستحي من نفسه، ولا من الله ولا من الملائكة، ولا من الناس، فهو يجاهر بالمعاصي عياناً بياناً، هل نزع الحياء منه أم لم ينزع؟ انظر يا عبد الله يوم أن خرجت علينا بعض الصحف بتلك الجريمة البشعة التي قام بها من لا حياء عندهم، حينما اغتصب طبيب أسنان بعض النساء بإعطائهن مخدر، ثم يصورها عارية وهي غائبة عن الوعي، ثم يتاجر في هذه الأفلام ويبيعها، وقد قلنا: إن سبب الجريمة أولاً: غياب التعاليم الشرعية، وأنه لا يجوز للمرأة أن تذهب بدون محرم، وقد أيد هذا الكلام نقيب أطباء الأسنان، فإذا برجل لا حياء عنده يكتب لنقيب الأطباء ويقول: يا نقيب الأطباء قلها صراحة: إنك تريد للنساء ألا يذهبن إلا بمحرم، وهذه الرجعية التي تنادي بها وهذا الجمود والتحجر الذي تريد به أن تعيدنا إلى عصر الظلام.
فهذا الرجل الذي نزع منه الحياء يكتب هذا الكلام ليطعن في النبي عليه الصلاة والسلام حينما أمر المرأة ألا تخرج إلا مع محرم، وأن هذه رجعية وتخلف وعودة إلى عصور الظلام، ثم قال: ولا بد لنقيب الأطباء أن ينظر في حاله فربما أثر عليه الأصوليون، وربما لوث فكره بمذاهب المتحجرين، لا بد من إعادة نظر، فنقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، أين الحياء؟ لا حياء مع الخلق ولا مع الخالق.