نسيان الدليل

السبب الرابع: نسيان الدليل، وجل من لا ينسى، وربما نسيتُ دليلاً وأفتيتُ خطأً في الميكرفون فذكرتُ به فعليّ أن أعود في الحال وأصوب الخطأ، والذين في قلوبهم مرض إذا سمعوا الخطأ أذاعوا في أرجاء البلاد: أخطأ الشيخ لا تسمعوا له؛ لأنه رجل جاهل.

يا عبد الله اتق الله في نفسك! أين آداب الخلاف؟ العلماء اختلفوا في أحكام سأذكر كثيراً منها الآن، ولم يسفه بعضهم بعضاً.

وقع النسيان للدليل، من ذلك ما حصل بين عمر بن الخطاب وعمار رضي الله عنهما وهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي غزوة من الغزوات كان عمار مع عمر فأجنبا -أصابتهما جنابة- والماء غير موجود، فاجتهد عمار فظن أن رفع الجنابة بالتراب كرفعها بالماء، فتمرغ في التراب كما تتمرغ الدابة يميناً ويساراً، أراد أن يعمم الجسد بالتراب، وأما عمر فكف عن الصلاة؛ لأنه جنب وليس عنده ماء، وما أراد أن يتيمم أبداً، ووصل الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لـ عمار -والحديث في البخاري -: (إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا)، يعني: تضرب الأرض بيديك ضربة واحدة، وتمسح ببطن اليدين على وجهك فقط ثم تمسح ظاهر الكفين وباطنهما، هذا هو التيمم في حال الجنابة، مرت السنوات وجاءت خلافة عمر فأراد عمار أن يحدث بهذا الحديث، فحدث به فأنكر عمر هذا الحديث، وقال له: كيف تقول بجواز التيمم للجنب؟ قال: يا أمير المؤمنين أما تذكر يوم أن فعلنا كذا وكذا، فذكره بما كان من أمرهما، إن شئت يا أمير المؤمنين لا أحدث بالحديث نزولاً على أمرك فعلت، قال: عمر: بل بلغ يا عمار.

إذاً: الذاكر حجة على الناسي كما يقول علماء الأصول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015