الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلقنا من عدم، وأطعمنا من جوع، وكسانا من عري، وهدانا من ضلال، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدنا الله، وأشهد أن نبينا ورسولنا وشفيعنا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، ولا شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
ثم أما بعد: فيا أيها الإخوة الكرام الأحباب! قبل أن نبدأ في موضوع لقائنا اليوم أجد أنه من الواجب علي وعلى كل داعية إلى التوحيد في ربوع العالم الإسلامي أن يتكلم بكلمة عن عالم من علمائنا، أراد الله تبارك وتعالى له حسن الخاتمة؛ ليخفف آلام المصيبة والصدمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه في كتاب العلم من حديث أنس: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، وأن يفشو الجهل، وأن يفشو الزنا، وأن تشرب الخمر، وأن يقل عدد الرجال، وأن يزيد عدد النساء حتى يكون للخمسين امرأة القيم الواحد).
وفي كتاب العلم أيضاً: باب كيف يقبض العلم؟ يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينتزع العلم من الصدور انتزاعاً، ولكن ينتزع العلم بموت العلماء، فإذا مات العلماء اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
وظاهرة موت العلماء في السنوات الأخيرة لا تخفى على أحد.
وهذا العالم هو شيخنا محمد صفوت نور الدين رحمه الله، فقد خرج من مصر يقصد بلد الله الحرام لأداء العمرة، وبعد أن طاف ببيت الله واغتسل وصلى الجمعة مع المسلمين خرج من بيت الله الحرام ليأتيه ملك الموت وهو على باب الفندق، وقبل موته شهق شهقة وهو يقول: لا إله إلا الله، وهي الكلمة التي كان يدعو إليها، وسارت جماعته على نهجها، وهي دعوة الأنبياء والرسل، فهي دعوة التوحيد التي من حاد عنها ضل.
والله سبحانه قد جعل لحسن الخاتمة علامات، منها: أن يقبض العبد على طاعة، وقد مات شيخنا على طاعة الطواف بالبيت وأداء الصلاة، والموت ببلد الله عز وجل.
ونحن أبناؤه، تعلمنا الدعوة منه، وكنا حوله يوم أن كنا صغاراً، وهو يغرس فينا عقيدة التوحيد، وحرب الشرك والمشركين، وجماعات البدع والأهواء، ودعوة السلف التي هي دعوة كل من أراد النجاة لنفسه.
أسأل الله سبحانه في هذا اليوم الكريم وفي هذا الجمع الكريم أن يغفر له ويرحمه، اللهم اغفر له وارحمه، اللهم اغفر له وارحمه.
اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، اللهم أبدله داراً خيراً من داره، اللهم نقه من خطاياه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسله من خطاياه بالماء والثلج والبرد، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل.