ليتيم لي بمائة من الإبل كنا نسميها المطيبة، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: لا لا لا..! الصدقة خمس، وإلّا فعشر، وإلّا فخمس عشرة، وإلّا فعشرون، وإلّا فخمس وعشرون، وإلا فثلاثون، وإلّا فخمس وثلاثون، فإن كثرت فأربعون! وذكر الحديث بطوله

. ثمّ أكد تعالى الوجوب بقوله حَقًّا- وكذا قوله- عَلَى الْمُتَّقِينَ فهو إلهاب وتهييج وتذكير بما أمامه من القدوم على من يسأله عن النقير والقطمير.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 181]

فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)

فَمَنْ بَدَّلَهُ أي: فمن غيّر الإيصاء عن وجهه، إن كان موافقا للشرع، من الأوصياء والشهود بَعْدَ ما سَمِعَهُ أي بعد ما وصل إليه وتحقق لديه فَإِنَّما إِثْمُهُ أي التبديل- عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ لأنهم خانوا وخالفوا حكم الشرع، فلا يلحق الموصي منه شيء وقد وقع أجره على الله إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وعيد شديد للمبدّلين.

هذا، وما ذكرناه من أنّ المنهيّ عن التبديل إمّا الأوصياء أو الشهود هو المشهور. وهناك وجه آخر- أراه أقرب- وهو أن يكون المنهيّ عن التغيير هو الموصي نهي عن تغيير الوصية عن المواضع التي بيّن تعالى الوصية إليها. وذلك لأنهم كانوا في الجاهلية يوصون للأبعدين الأجانب، طلبا للفخر والشرف. ويتركون الأقارب في الفقر والمسكنة والضرّ، فأوجب الله تعالى الوصية لهؤلاء منعا للقوم عمّا اعتادوه- كذا قاله الأصم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015