ومنه يعلم أن لا تحديد للكثرة المفهومة، وأنّ مردّها للعرف لاختلاف أحوال الزمان والمكان.
ثم ذكر نائب فاعل (كتب) بعد أن اشتد التشوّف إليه، فقال الْوَصِيَّةُ وتذكير الفعل الرافع لها: إمّا لأنه أريد بالوصية الإيصاء، ولذلك ذكّر الضمير في قوله فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ وإمّا للفصل بين الفعل ونائبه، لأنّ الكلام لما طال، كان الفاصل بين المؤنث والفعل كالعوض من تاء التأنيث. وقوله لِلْوالِدَيْنِ بدأ بهما لشرفهما وعظم حقّهما وَالْأَقْرَبِينَ من عداهما من جميع القرابات بِالْمَعْرُوفِ وهو ما تتقبله الأنفس ولا تجد منه تكرّها.
وفي الصحيحين (?) : أنّ سعدا قال: يا رسول الله، إنّ لي مالا ولا يرثني إلّا ابنة لي. أفأوصي بثلثي مالي؟ قال: لا..! قال: فبالشطر؟ قال لا..! قال: فالثلث؟ قال الثلث، والثلث كثير، إنّك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس!
وفي صحيح البخاري (?) أن ابن عباس قال: لو أنّ الناس غضوا من الثلث إلى الربع، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: الثلث والثلث كثير..!
وروى الإمام أحمد (?) عن أبي سعيد مولى بني هاشم عن زياد بن عتبة بن حنظلة: سمعت حنظلة بن جذيم بن حنيفة أنّ جدّه أوصى ليتيم في حجره بمائة من الإبل، فشقّ ذلك على بنيه، فارتفعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال حنيفة: إنّي أوصيت