فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ

. قال ابن عباس: هي المناسك. كان المشركون يحجون ويهدون. فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم.

فنهاهم الله عن ذلك. وعن ابن عباس أيضا: لا تحلوا شعائر الله: هي أن تصيد وأنت محرم. ويقال: شعائر الله، شرائع دينه التي حدها لعباده. وإحلالها الإخلال بها.

وظاهر أن عموم اللفظ يشمل الجميع.

وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ المراد به الجنس. فيدخل في ذلك جميع الأشهر الحرم.

وهي أربعة: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب. أي لا تحلوها بالقتال فيها.

وقد كانت العرب تحرم القتال فيها في الجاهلية. فلما جاء الإسلام لم ينقض هذا الحكم. بل أكده. كذا في (لباب التأويل) .

قال ابن كثير: يعني بقوله: وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ، تحريمه والاعتراف بتعظيمه، وترك ما نهى الله عن تعاطيه فيه، من الابتداء بالقتال. كما قال تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ، قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ [البقرة: 217] . وقال تعالى إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً [التوبة: 36] .

وفي صحيح البخاريّ (?) عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، في حجة الوداع: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض. السنة اثنا عشر شهرا. منها أربعة حرم ... » الحديث،

وهذا يدل على استمرار تحريمها إلى آخر وقت. كما هو مذهب طائفة من السلف.

وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنه، في قوله تعالى وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ: يعني لا تستحلوا القتال فيه. وكذا قال مقاتل وعبد الكريم بن مالك الجزريّ. واختاره ابن جرير أيضا. وذهب الجمهور إلى أن ذلك منسوخ. وأنه يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم. واحتجوا بقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: 5] . والمراد أشهر التسيير الأربعة.

قالوا: فلم يستثن شهرا حراما من غيره. انتهى. وفي كتاب (الناسخ والمنسوخ) لابن حزم: إن الآية نسخت بآية السيف. ونقل بعض الزيدية في (تفسيره) عن الحسن أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015