إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ من تحليل وتحريم. وهو الحكيم في جميع ما يأمر به وينهى عنه.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (2)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ أي: معالم دينه. وهي المناسك.
وإحلالها أن يتهاون بحرمتها، وأن يحال بينها وبين المتنسكين بها.
وقد روى ابن جرير «1» عن عكرمة والسّديّ قالا: نزلت في الحطم، واسمه شريح بن هند البكريّ.
أتى المدينة وحده. وخلّف خيله خارج المدينة. ودخل على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له: إلام تدعو الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فقال:
حسن. إلا أن لي أمراء لا أقطع أمرا دونهم. ولعلي أسلم وآتي بهم. فخرج من عنده، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: يدخل عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان. فلما خرج شريح قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: لقد دخل بوجه كافر، وخرج بقفا غادر، وما الرجل بمسلم. فمر بسرح من سراح المدينة فاستاقه وانطلق به وهو يرتجز ويقول:
قد لفّها الليل بسوّاق حطم ... ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزّار على ظهر الوضم ... باتوا نياما وابن هند لم ينم
بات يقاسيها غلام كالزّلم ... خدلّج السّاقين ممسوح القدم
فتبعوه فلم يدركوه. فلما كان العام القابل، خرج شريح حاجا مع حجاج بكر ابن وائل، من اليمامة. ومعه تجارة عظيمة. وقد قلّد الهدي. فقال المسلمون: يا رسول الله! هذا الحطم قد خرج حاجّا فخلّ بيننا وبينه. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنه قد قلّد الهدي. فقالوا: يا رسول الله! هذا شيء كنا نفعله في الجاهلية. فأبى النبيّ صلى الله عليه وسلم.