ذهب يخلق خلقا كخلقي؟ فليخلقوا ذرة. فليخلقوا شعيرة»

. فنبه بالذرة والشعيرة على ما هو أعظم منهما وأكبر. والمقصود أن هذا حال من تشبه به في صنعة صورة.

فكيف حال من تشبه به في خواص ربوبيته وإلهيته؟ وكذلك من تشبه به في الاسم الذي لا ينبغي إلا لله وحده. كملك الأملاك وحاكم الحكام ونحوه.

وقد ثبت في الصحيح (?) عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أخنع الأسماء عند الله رجل يتسمى بشاهان شاه ملك الملوك. ولا ملك إلا الله» .

وفي لفظ: أغيظ رجل على الله رجل يسمى بملك الأملاك.

فهذا مقت الله وغضبه على من تشبه به في الاسم الذي لا ينبغي إلا له. فهو سبحانه ملك الملوك وحده. وهو حاكم الحكام وحده. فهو الذي يحكم على الحكام كلهم، ويقضي عليهم كلهم، لا غيره.

تنبيه:

حيثما وقع في حديث: من فعل كذا فقد أشرك. أو فقد كفر- لا يراد به الكفر المخرج من الملة، والشرك الأكبر المخرج عن الإسلام الذي تجري عليه أحكام الردة، والعياذ بالله تعالى. وقد قال البخاريّ (?) : باب كفران العشير وكفر دون كفر.

قال القاضي أبو بكر ابن العربيّ في (شرحه) : مراده أن يبيّن أن الطاعات، كما تسمى إيمانا، كذلك المعاصي تسمى كفرا. لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد عليه الكفر المخرج عن الملة. فالجاهل والمخطئ من هذه الأمة، ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركا أو كافرا، فإنه يعذر بالجهل والخطأ، حتى تتبين له الحجة، الذي يكفر تاركها، بيانا واضحا ما يلتبس على مثله. وينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام مما أجمعوا عليه إجماعا جليّا قطعيا. يعرفه كل من المسلمين من غير نظر وتأمل. كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ولم يخالف في ذلك إلا أهل البدع. قال الشيخ تقيّ الدين في (كتاب الإيمان) : لم يكفّر الإمام أحمد الخوارج ولا المرجئة ولا القدرية. وإنما المنقول عنه وعن أمثاله تكفير الجهمية. مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية. ولا كل من قال: أنا جهميّ- كفّره. بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم، وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015