* قالَ الله عزَّ وجَلَّ: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} [سبأ: 8].
* * *
قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{أَفْتَرَى} بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ للاسْتِفْهَامِ وَاسْتُغْنِيَ بِهَا عَنْ هَمزَةِ الْوَصْلِ] (أَفْتَرَى) أصلُها (أَافْتَرى) لكن هَمزة الوَصْل مع همزة الاستِفْهام تَسقُط، ومِنه قوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} [الصافات: 153]، {أَصْطَفَى} بمَعنَى: (أَاصْطَفى) فسَقَطت الهَمزة؛ لأنها وقَعَت بعد هَمزة الاستِفْهام، وأَظُنُّ سُقوطَها مَعلومًا؛ لأنَّ هَمزة الوَصْل تَسقُط في الوسَط، فهذا جاءَت هَمزة الاستِفْهام صار الكلام مُتَصِلًا، وإذا كان مُتَّصِلًا سقَطَت همزة الوَصْل، ففي قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} [المؤمنون: 27] أين ذهَبَت هَمزةُ الوَصْل في {اصْنَعِ}؟
سَقَطَت لاتِّصال الكلام، فإِذَن {أَفْتَرَى} سقَطَت لاتِّصال الكلام {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} في ذلك؛ يَعنِي: في قوله: (إِنَّكم ستُبعَثون وتُنشَرون خَلْقًا جديدًا) هل هذا افتِراء على الله تعالى؟ سيُبيِّن الله تعالى ذلك، لكنهم يَقولون: إنَّ حالَهُ دائِرة بين أَمْرين: إمَّا رجُلٌ مُفترٍ على الله تعالى، افتَرَى على الله تعالى الكَذِب في ذلك، {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} [جُنُونٌ تَخيَّلَ بِهِ ذَلِكَ].
إِذَنْ: هُمْ -والعِياذ بالله تعالى- قسَّموا حال النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى حالين لا ثالثَ لهما،