الصوابُ: أنه إعادة ما مَضَى كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27]، ولكنه سُمِّي خَلْقًا جديدًا؛ لأنَّ الإنسان إذا بُعِث فإنه لا يُبعَث كحاله في الدنيا، بل يُبعَث في حالٍ أَشَدّ وأَقوَى؛ لأنه سيُبعَث على أنه مُؤبَّد لا يَموت.
ولهذا يَتحَمَّل الناس يوم القيامة من الكَرْب والهَمِّ والغَمِّ ما لا يَتَحمَّلونه في الدُّنيا، فالناس مَثَلًا لو دَنَتِ الشمس منهم قَدْر مِيلٍ في الدنيا لأَحْرَقتهم، ولكنها في الآخرة تَدنو مِنهم ومع ذلك لا تُحرِقهم.
وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} في أَوْصافه؛ لأنَّ الصحيح أنَّ الخَلْق هو إعادة ما مَضَى.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدةُ الأُوْلَى: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى الإيمان باليَوْم الآخِر؛ تُؤخَذ من قوله تعالى: {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}.
الفائِدةُ الثَّانِيَةُ: بَيان عُتُوِّ الكافِرين، واستِعْلائهم واستِكْبارهم؛ حيثُ عبَّروا بهذا التَّعبير ساخِرين بما أَخبَر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووَجْهُ عُلُوِّهم واستِكْبارهم:
الأول: السُّخْرية بهذا النَّبأ.
الثاني: تَحقير النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
الثالِث: وَصْفه بأنه لا تَخلُو حالُه من أَحَد أمرين: إمَّا كاذِب، وإمَّا مجَنون.
هذه ثلاثة أَوْجُهٍ كلُّها تَدُّلُّ على: عُلُوِّ هَؤلاءِ الكافِرين واستِكْبارهم وعِنادِهم.
الفائِدةُ الثَّالِثَةُ: بَيان ما حصَل للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من الأَذَى، وأنه صَبَر؛ لأنَّ أَمْرًا يَصِل