* قالَ الله عزَّ وَجَلَّ: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [سبأ: 6].
* * *
قوله تعالى: {وَيَرَى} بمَعنَى: يَعلَم؛ لأنَّ الرّؤْية تَكون بمَعنَى الرّؤْية بالعَيْن، وتَكون الرُّؤْية بالقَلْب، والرّؤْية بالقَلْب هي العِلْم، و (رأَى) بمَعنَى: عَلِم، وتَأتي في القُرآن كثيرًا مثل قوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 6 - 7] (نَراه) بمَعنَى: نعَلَمه؛ لأَنه ليس المعنى: نَراه بأَعيُننا، إذ إنه لم يَقَع، وليس المَعْنى: نَظُنُّه؛ لأنَّ الله تعالى مُنَزَّهٌ عن الظَّنِّ، وعلى هذا فيَكون (نَراه) بمَعنى: نَعلَمه، وهنا قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} أي: [يَعْلَمُ]، لكنه إذا جاءَت: (يَرَى) بمَعنى: (يَعلَم) دلَّتْ على أن العِلْم في أعلى مَقامات العِلْم؛ وأنه صار كالمُشاهَد بالعَيْن يُرَى رُؤيا بالِغة كالذي يُشاهَد.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} أي: أُعطُوه.
وهل المُراد بهم أهل الكِتاب أو هو عامٌّ؟ يَقول المُفَسّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ كَعَبْدِ الله بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ].
والصواب: أنها أَعمُّ من ذلك، وأن المُراد بالذين أُوتوا العِلْم كلّ مَن أَعطاهمُ الله تعالى العِلْم فيَشمَل أهل الكِتاب من اليَهود والنَّصارى، فالنَّجاشِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ من