إذا كان فيها ثلاث قِراءاتٍ؛ لأنَّ اختِلاف القِراءات كاختِلاف الصِّفات في العِبادات، وقد سبَق لنا أنَّ الأفضل في ما جاء من العِبادات على صِفاتٍ مُتعدِّدة أن تَعمَل بهذا مَرَّة وبهذا مَرة حتى تَحصُل على السُّنَن كلها، وهكذا القِراءات، ولكن إيَّاك أن تَقرَأ وأنت شاكٌّ في القِراءة؛ لأنَّه لا يَجوز أن نَقرَأ إلاَّ ونحن مُتيَقِّنون بأن هذه هي القِراءةُ الصحيحة.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدةُ الأُوْلَى: تَحقُّق ما وصَف الله تعالى به القُرآن من أنه مَثاني، إذا ذُكِر فيه المَعنى ذُكِر ما يُقابِله، وإذا ذُكِر فيه العامِل ذُكِر مَن يُقابِله.
الفائِدةُ الثَّانِيَةُ: الحِكْمة في الخِطاب، وأنه يَنبَغي في الخِطاب أن يَكون جامِعًا بين أسباب الخوف وأَسباب الرَّجاء؛ لأنه إذا ذُكِر الخوف فقط فقد يَستَوْلي على القَلْب القُنوطُ من رحمة الله؛ وإذا ذُكِر الرَّجاء فقط فقد يَستَوْلي عليه الأَمْن من مَكْر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
الفائِدةُ الثَّالِثَةُ: أن الكُفَّار يَسعَوْن جادِّين لإبطال آيات الله؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا}، والسعي كما نَعلَم أنه هو الجريُ بشِدَّة، فهؤلاء يَسعَوْن جادِّين لإِبْطال آيات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
الفائِدةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ هؤلاءِ الكُفَّارَ كأنما يُعاجِزون الله تعالى ويُغالِبونه، لقوله تعالى: {مُعَاجِزِينَ}.
الفائِدةُ الخَامِسَةُ: أنَّ هؤلاء الذين سعَوْا في آيات الله تعالى مُعاجِزين يُعاقَبون بهذا العِقابِ الأليمِ: {لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}، وقوله تعالى: {مِنْ رِجْزٍ} أي: من عَذاب سَيِّئٍ مُؤلِم، كما سبَق.