أَرجو الله تعالى أن يَغفِر لي، ومَن غَلَّب الخوْف دخَل في القُنوط من رحمة الله.
وبَعضُ العُلَماء رَحمهم اللهُ خالَف في هذا، وقال: إنه يَنبَغي لك عند فِعْل الطاعة أن تُغلِّب الرَّجاء، لأنك قُمْت بما أمِرْت فارْجُ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى ثَوابه؛ لأنَّ هذا من باب إحسان الظَّنّ بالله تعالى، وإذا كُنتَ في مَقام المَعصية فغَلّبْ جانِب الخَوْف؛ لتَردعَ نفسك عمَّا تريد أن تَفعَلَه من المَعْصية.
وأن بَعضَ العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ ذهَب مَذهَبًا آخَرَ وقال: في حال المرَض تُقدِّم جانِب الرَّجاء؛ لأنك الآنَ في مَقام الضَّعْف فتُغَلّب جانب الرَّجاء وإحسان الظَّنِّ بالله، فلا تمُوتَنَّ إلًا وأنت تُحسِن الظَّنَّ برَبِّك عَزَّ وَجَلَّ، وإذا كُنْت في حال الصّحَّة فغَلِّب جانِب الخَوْف، والإمام أحمدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قال: يَنبَغي أن يَكون خَوْفُه ورَجاؤُه واحِدًا فأيُّهما غَلَب هلَك صاحِبه (?).
والإنسان طبيب نفسه في الواقِع لا شكَّ أنّك إذا رأَيْتَ نَفْسكَ تمَيل إلى الباطِل فإنه يَجِب عليك أن تُخوّفها بالله، ولا ترجِّها؛ لأنك إن رَجَّيْتها في هذه الحالِ تُقدِم على المَعاصي.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدةُ الأُوْلَى: أنَّ أفعال الله مُعلَّلة؛ بمَعنَى: أن لها عِلَّةَ، يُؤخَذ من اللَّام في قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ}؛ لأنَّ اللَّام للتعليل، وهذا يُؤيِّد مَذهَب أهل السُّنَّة والجماعة، الذين يَقولون: إنَّ أفعال الله تعالى مَقرونة بالحِكْمة. ومعلومٌ أن الجهْمية -وكذلك بعض الأشاعِرة- يُنكِرون أن تكون أَفعال الله تعالى لحِكْمة، وَيقولون: إن أَفعاله