{أُولَئِكَ} تَعود إلى {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} وهي مُبتَدَأ، و {لَهُمْ} خَبَر مُقدَّم، و {مَغْفِرَةٌ} مُبتَدَأ مُؤخَّر {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} مَعطوف عليه، والجُملة الثانية من المُبتَدَأ والخبَر: خبَرُ المُبتَدَإِ الأوَّلِ، فعِندنا الآنَ مُبتَدَآن {أُولَئِكَ} و {مَغْفِرَةٌ}، {أُولَئِكَ} مُبتَدَأ و {لَهُمْ} جارٌّ ومَجرور خبَرٌ مُقدَّم لـ {مَغْفِرَةٌ}، {مَغْفِرَةٌ} مُبتَدَأ مُؤخَّر، و {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} مَعطوفٌ عليه، والجُمْلة من المُبتَدَأ الثاني وخَبَره في مَحَلِّ رَفْع خبَر المُبتَدَأ الأَوَّل، والرابِط هو الضميرُ في {لَهُمْ}؛ لأَنّه يَعود على المُشار إليه.
وقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {أُولَئِكَ} أَشار إليهم بإشارة البَعيد؛ تَنبيهًا على عُلوِّ مَرْتبتهم؛ لأنَّ هذا الصِّنفَ من الناس هو أَعلى طبقات الناس: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
وقوله تعالى: {مَغْفِرَةٌ} بها زوال المَكروه، {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} به حُصول المَطلوب، (فلَهُمْ مَغفِرة) لذُنوبهم وخَطاياهم، فيَغفِر الله تعالى لهم الخطايا والذُّنوب بأن يَتجاوَز عنهم، وَيستُرَها عليهم؛ لأنَّ المَغفِرة هي سَتْر الذَّنْب والتَّجاوُز عنه، إذ إن اشتِقاقَها من المِغْفَر، وهو الذي يُلبَس على الرأْس عند الحَرْب؛ وفيه فائِدتان: سَتْر الرَّأْس؛ ووِقايته من السِّهام؛ فالمَغفِرة إِذَنْ فيها سَتْر الذُّنوب، والتَّجاوز عنها، وعدَمُ العُقوبة عليها.
وقوله تعالى: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} الرِّزْق: بمَعنَى العَطاء، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: 8]؛ أَيْ: أَعطبُوهم، والكريم بمَعنَى الحسَن في كَيْفيته وفي كِمِّيته، وقد أَشار الله سُبحَانَهُ وَتَعالَى إلى أنَّ حُسْن هذا الرِّزْق لا تَبْلُغه العُقول في قوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]،