القِسْم الثاني: الدَّلالة الصريحة على أنه خاصٌّ بالرسول - صلى الله عليه وسلم -.
القِسْم الثالِث: ما ليس فيه دَلالة ولا قَرِينة، فإذا مخُتَلَف فيه عند أَهْل العِلْم، هل هذا الخطاب المُوجَّه للرسول عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَشمَل الأُمَّة بمُقتَضي الصِّيغة أَم يَشمَل الأُمَّة بمُقتَضى الأُسْوة.
ومثال الذي فيه الدّلالة على أنه خاصٌّ بالرسول عليهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ: قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} [الشرح: 1 - 2]، فإذا بلا شَكٌ خاصٌّ بالرسول عليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
ومثال ما قام به الدَّليلُ على العموم: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1] ففي قوله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ} دَلالة واضِحة على أن الخِطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - مُرادٌ به الأُمَّة أيضًا، وما عَدا ذلك فهو كثير، فهل يَشمَل الأُمَّةَ الحُكمُ بمُقتَضى الخِطاب, أو بمُقتَضى الأُسْوة؟
فمِنهم مَن يَقول: إنَّه يَشمَل الأُمَّة بمُقتَضي الخِطاب لكنه وُجه للرسول - صلى الله عليه وسلم - لأَنه إِمامُها، وأنَّ نَظيرَ ذلك أن تَقول لقائِد الجيْش: اذهَبْ إلى الجبْهة الفُلانية، فالمُراد اذهَبْ ومَن معَكَ ممَّن يَتبِعُك من الجُنود.
ومنهم مَن يَقول: إنَّه خاصٌّ بالرسول عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لا يَشمل الأُمَّة لكن الأُمَّة مأمورة بالتَّأسِّي به، كما في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، والخِلاف في هذا قريب من اللَّفْظى؛ للاتفاق على أنَّ هذا الحكم يَشمَل الأُمَّة.
إِذَنْ: لو سمِعْنا شخصًا يُنكِر الساعة؛ فهل نحن مَأمورون أن نَحلِف على ثُبوتها؟ نعَمْ، نحن مَأمورون بأن نَحلِف على ثُبوتها.