كلَّ ما تَقتَضيه هذه الذاتُ من الصِّفات، فكان أعَمَّ.

وقد صرَّح شيخُ الإسلام ابنُ تَيميَّةَ -رحمه الله - في (شرح حديث النُّزول) (?) بأنه - سبحانه وتعالى - قريبٌ بنَفْسه، وتلميذُه ابنُ القيِّم -رحمه الله - قال: إنه قريب بذاته (?). ولكن مع ذلك يَجِب علينا أنَّ نَعلَم عِلْم اليقين بأنه قريبٌ، ولكنه في السماء على عَرشه، وهذا لا تَناقُضَ فيه، وقد سبَق الجواب على ما يُوهِم أنَّه مُتَناقِض، وأنَّ الجواب عليه من ثلاثة أَوْجُهٍ.

من فوائد الآية الكريمة:

الفائدة الأولى

الْفَائِدَة الأُولَى: تَحدٍّ لهؤلاءِ المُكذِّبين للرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّه لو كان ضالًّا لظَهَر أثَرُ ضَلاله على نفسه، ولأَهلَكَه الله - عز وجل -، ولم يُمكِّنه، قال الله - عز وجل -: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 44 - 47]، فلو كان ضالًّا فما جاء به لكان ضلالُه على نَفْسه، ولتبَيَّن أمْرُه.

ولعلَّكم بلَغَكم ما أَنزَل الله تعالى بالمكذِّبين الذين ادَّعَوُا الرسالة فأَهلكهم الله تعالى، مِثل مُسَيْلِمةَ الكذَّاب والأَسودِ العَنْسي وغيرهم، كلُّهم أَظهر الله تعالى ضلالهم وكذَّبهم، وممَّا ذُكِر من آيات مُسَيْلِمةَ يُقال: إن مُسَيْلِمةَ ادَّعى أنه رَسولٌ، وأن بِئْرًا من آبار قومه غارَ ماؤُها، ولم يَبقَ إلَّا قليلٌ، فجاؤُوا إليه يَشكون هذا الأَفرَ، فأَراد أن يَقتَدِيَ بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأخَذ منها ماءً وأَدخَلَه في فَمِه ثُم مَجَّه في الماء، فجعَل يَنتَظِر فَيضانَ الماء حتى يَصِل إلى ظاهِر القَليب، لكنَّ الماء الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015