إذا أخَذَ الله تعالى هؤلاءِ الأَقوياءَ الأَشِدَّاءَ الأكثَرَ أموالًا وأَوْلادًا إذا أَخَذهم الله تعالى بجُرْمهم هؤلاء الذين دُونهم من بابِ أَوْلى.

ولا شَكَّ أنَّ القِياس دليلٌ صحيحٌ، ثبَتَ اعتِبارُه بالكِتاب والسُّنَّة والعَقْل، ولكن القِياس نوعان: صحيحٌ وفاسِدٌ، فالفاسِدُ دلَّ الكِتابُ والسُّنَّة والعَقْل على عدَم اعتِباره، والصحيحُ دلَّ الكِتاب والسُّنَّة والعَقْل على اعتِباره.

مثال الفاسِد: قولُ إِبليسَ مُستَعْمِلًا قياسَ الأَوْلى لمَّا أَمَرَه الله تعالى أن يَسجُد لآدَمَ قال: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص: 76]، فكيف يَكون الأخيرُ عَبْدًا لمَن دُونَه؟ ! .

ومثال قِياس المِثْليَّة: قولهُم: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275]، هذا قياس فاسِدٌ لأَنَّه قِياسُ ما حرَّم الله تعالى على ما أَحلَّه الله عَزَّ وَجَلَّ.

المُهِمُّ: أن القِياس قد ثبَتَ اعتِباره بالكِتاب والسُّنَّة والعَقْل، ومَن أَنكَرَه فقد أَنكَرَ ما يَدُلُّ عليه الكِتاب والسُّنَّة، والذي يُنكَر منه هو القِياس الفاسِدُ.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ تَكذيب الرُّسُل هو تكذيبٌ لله تعالى، وهو الظاهِر؛ لأنَّه قال عَزَّ وَجَلَّ أوَّلًا: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، ولم يَذكُر المُكذَّب، ثُم قال تعالى: {فَكَذَّبُوا رُسُلِي} فدَلَّ ذلك على أن تَكذيب الرُّسُل تَكذيبٌ لله عَزَّ وَجَلَّ، وهو كذلك عند التَّأمُّل؛ لأنَّ الرسول إذا جاءَك وقال: إنه رسول الله تعالى. وأَيَّده الله تعالى بالآيات، ثُم كذَّبْتَه، فقد كذَّبْتَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأنَّ الآياتِ التي يُعطيها الله تعالى الرسولَ ما هي إلَّا براهِينُ تَدُلُّ على صِدْقه، فكأنَّ المُكذِّب يَقول: إنَّ هذه الآياتِ كَذِبٌ؛ لأنه يُكذِّب الرسول الذي أَيَّدَتْه.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015