وَيقول قائِلُهم:
مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخٍ ... فُويقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الْوَلِي (?)
يَزعُمون -قَبَّحهُم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أنَّ الأَوْلياء أفضَلُ من الرُّسُل -والعِياذُ بالله عَزَّ وَجَلَّ- والأَنبِياءُ عَلَيْهِم السَّلَامُ، وهو كذلك عِندهم، لأن أَوْلياءَهم الطاغوتُ، والطاغوتُ يُمِلي عليهم أنه أفضَلُ من الرُّسُل والأنبياء عَلَيْهِم السَّلَامُ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: بَيان حِكْمة الله عَزَ وَجَلَّ حيث جعَل العُقوبة من جِنْس العمَل، فلمَّا كان عمَلُ هَؤلاء عظيمًا وهو تَكذيب رُسُل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كان جَزاؤُهم عَظيمًا، يُتعَجَّب مِنه: {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي: ما أَعظَمَه وما أَشَدَّهُ! .
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ الإِنْكار يَكون بالفِعْل كما يَكون بالقَوْل، ووجهُ ذلك: أنَّ إنكار الله تعالى عليهم ليس بالقَوْل فقَطْ، بَلْ بالفِعْل والعُقوبة، فهذا إنكارٌ بالفِعْل، وهذا مَوْجود أيضًا في أعمالنا نحن، فعندما يُخالِفُك صَبِيُّك في أَمْر من الأمور أحيانًا تُوبِّخه، تَقول: لماذا تَفعَل هذا؟ ! أَلَمْ آمُرْك أن تَتْرُكه؟ ! وأَحيانًا إذا جِئْت ووَجَدْته قد فعَلها تَضرِبه، هذا الإِنكارُ يَكون بالفِعْل، فإنكارُ الله عَزَ وَجَلَّ يَكون بالقَوْل، ويَكون بالفِعْل، فعُقوبة المُجرِمين هي إنكارٌ بالفِعْل، وفي هذه الآيةِ وغيرِها من الآيات التي تُضيف الفِعْل إلى الفاعِل رَدٌّ على مَن؟ مِثْل {فَكَذَّبُوا رُسُلِي}، {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، وما أَشبَهَ ذلك؟ رَدٌّ على الجبْريَّة الذين يَقولون: إنَّ فِعْل العَبْد مجُبَرٌ عليه، ليس له فيه اختِيار.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: استِعْمال قياس الأَوْلى، يُؤخَذ من قوله تعالى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} يَعنِي: