الذي قاله ما لم يَقُلْه، فتقولون: إنه كاذِبٌ، إنه مُتَناقِض، إنه فعَلَ كذا، إنه فعَلَ كذا. وهو بَرِيء من ذلك، فلهؤلاء السلَفُ من أُولئِك الكُفَّارِ.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنْ ما جاء به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الآيات من أَفصَحُ الكلام وأَبلَغُه وأَبيَنُه؛ لقولهم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} فهُمْ لم يَصِفوه بالسِّحْر إلَّا لأَنَّه يَأخُذ بالقُلوب، ويَجُرُّ الناس إليه جَرًّا، كما قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا" (?).
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ مَنْ نَسَب الكذِبَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما أَوْحى الله تعالى إليه فهو كافِر؛ لقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّ هؤلاءِ ادَّعَوْا أنَّ الوحيَ سِحْرٌ بعد أن وصَل إليهم وعرَفوه؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَمَّا جَاءَهُمْ} وعرَفوا أنه حَقٌّ، حتى إنَّ زُعماءَهم كانوا يَتَسلَّلون لِواذًا في الليل إلى رسول الله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ ليَسمَعوا القُرآن؛ لأنَّه آخِذٌ بمَجامِع قُلوبهم، وصاروا يُحِبُّون أن يَستَمِعوا إليه، لكن الحَمِيَّة -والعِياذُ بالله تعالى- والعَصبية مَنَعَتْهم أن يَهتَدوا بهذا القُرآنِ.
* * *