* * *
* قالَ الله عَزَّ وجَلَّ: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ} [سبأ: 32].
* * *
وقوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} ردُّوا عليهم القولَ: {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ} فكان الرَّدُّ هو: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ}؟ والاستِفْهام هنا بمَعنَى النفيِ، يَعنِي: لم نَصدَّكم عنِ الهُدَى بعد إذ جاءَكُم، بل أنتم الذين اختَرْتُمُ الكُفْر، وهنا صدَق قول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} [البقرة: 166]، فهنا قال تعالى: {أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ} يَعنِي: نحن مُتبَرِّئِون مِنكم، ولا أَجبَرْناكم على الكُفْر، بل أنتم الذين اختَرْتم ذلك.
وقوله تعالى: {صَدَدْنَاكُمْ} أي: صرَفْناكم.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ} هذا من باب تَحقيق مجَيءِ الهُدَى ووضوحه، وهذا إقرارٌ من هؤلاءِ الرُّؤَساءِ المُستكْبِرين على أنَّ الهُدى قد جاء وبان ووضَح {بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ}، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ في تَقدِيرها: [لَا] إِشارة إلى أنَّ الاستِفْهام هنا للنَّفْيِ، وكُلَّما جاءت كلِمة (لَا) بعد الاستِفْهام فإن تَرجَمَتَها أنَّ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ يَرَى أن الاستِفْهام هنا للنَّفْي، {بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ} في أَنفُسِكم