الإنسان من عِبادة الله تعالى على زَعْمه إلَّا كان رقيقًا لغَيْره، للنَّاس والشَّيْطان.
والحاصِلُ: أنَّ هؤلاءِ الذين كانوا في شَكٍّ من الآخِرة لا يُمكِن أن يَعمَلوا ولا أن يَقوموا بطاعة الله تعالى، ذلك لأنَّ الذي يَقوم بطاعة الله تعالى هو الذي يُؤمِن بأنه سوف يُحشَر ويُثاب أو يُعاقَب.
وقوله تعالى: {هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ} فنُجازِي كلًّا مِنهما {وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} الجُمْلة خَبَرية تُفيدُ مَعنًى، ولازِمَ ذلك المَعنَى، فهي خَبَرية تُفيد أن الله تعالى على كلِّ شيء حَفيظ؛ أي: مُراقِب ومُطلِع ومهيْمِن على كل شيء، سَواء كان ذلك ممَّا يَتعَلق بفِعْله أوْ ممَّا يَتعَلق بفِعْل الخلْق، فهو جلَّ وَعَلَا رقيب على كل شيء، لا يَخفَى عليه شيء في الأَرْض ولا في السماء، هذا المَعنَى يَستَلزِم مَعنًى آخَرَ، وهو التَحذيرُ من المُخالَفةِ؛ لأنَّ الإنسان متى عَلِم أنَّ الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حفيظٌ على كل شيءٍ خاف ولم يُخالِف، أمَّا إذا كان في شكٍّ من هذا فإنَّه سوف يَعمَل كما يَشاء.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيانُ حِكْمة الله -عَزَّ وَجَلَّ- في تَسليط الشَّيطان عليّ بني آدمَ، وهي أَنْ يَعلَم أن مَن يُؤمِن بالآخِرة فيَعمَل لها ممَن لا يُؤمِن، وَيكون في الشَك فلا يَعمَل؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ}.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إِثْبات عِلْم الله تعالى، وتَعلُّقِ عِلْم الله تعالى بالمَوجودات يَنقَسِم إلى قِسْمين: تَعلُّق بها قَبلَ الوُجود، وتَعلق بها بعد الوجود، فالتَعلق بها بعد الوجود يَكون عِلْمه بها عِلْمَ أَمْرٍ واقِعٍ، والأوَّل يَكون تَعلُّق العِلْم بها إنَّه عِلْم بما سيَقَع، وبهذا يَزول الإشكالُ في مِثْل هذه الآيةِ حيث إنَّ ظاهِرها يُفيد تَجدد عِلْم الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛