يَقول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ- في تَفسيرها: [عِلْمَ ظُهُورٍ]، وذلك لأَنَّ تَعلُّق عِلْم الله تعالى بالشيء له حالان:
الحالُ الأُولى: قبلَ وُجوده.
الحالُ الثَّانية: بعد وجوده.
فتَعلُّق عِلْم الله تعالى به بعد الوُجود يُسمَّى عِلْمَ ظُهورٍ؛ أي: عَلِمه بعد أن ظَهَر وبانَ، وعِلْم الله تعالى قبلَ وُجودِه عِلْم تَقديرٍ؛ أي: أنَّه قدَّر أن يَكون وعِلْمُ التَقديرِ ثابِت بلا شَكٍّ فإن الله تعالى لم يَزَلْ ولا يَزالُ عالماً بكُل ما يَكون.
وإذا قُلْنا: إنَّ العِلْم عِلْمُ تَقدير وعِلْمُ ظُهور. زال الإشكالُ؛ وصار عِلْم الله تعالى للشَّيْء بعدَ وُقوعه عِلْمًا بأنه ظهَر ووَقَع، وعِلْم الله تعالى قبلَ وُقوعه عِلْمًا بأنه سيَقَع، وفَرْقٌ بين المُتعَلَّقين.
وقِيلَ: إن المُراد بالعِلْم هنا العِلْم الذي يَتَرتَّب عليه الجزاءُ؛ وذلك لا يَكون إلَّا بعد الامتِحان، فإنَّ عِلْم الله تعالى بالشيء قبل أن يَقَع عِلْمٌ لا يَترَتَب عليه ثوابٌ ولا عِقاب؛ لأنَّ المُكلَّف لم يُؤمَر ولم يُنهَ، فإذا أُمِر ففعَل أو أُمِرَ فلَمْ يَفعَل حينئذٍ صار مُثابًا أو مُعاقَبًا، كما قال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31] {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142].
وعلى هذا الوجهِ يَكون عِلْمُ الله تعالى عِلْمَيْن:
1 - عِلْم مَعناه: أنَّ الله تعالى عالم بأن هذا الشيءَ سيَقَع، ولكن لا يَتَرتَّب عليه الثوابُ والعِقابُ.