وكُلُّ هذا الذي ذكَره المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ واضِحٌ من الآية لمَّا قضَى الله تعالى عليه الموت، بَقِي مُدَّة لا تَعلَم الجِنُّ أنه مات، وهم يَعمَلون دائِبين، لأنه قد كلَّفَهم بذلك، فمات وبَقِيَ مُتَّكئًا على عَصاهُ.

وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بَقِيَ حَوْلًا] تَقييد هذا بالحوْل ليس فيه دليلٌ، لكن لا شَكَّ أنه بَقِيَ مُدَّةً وهم يَعمَلون بين يدَيْه ولا يَدرون أنه مَيْت، أمَّا أن نُقيِّده بحول أو بأقلَّ أو بأكثَرَ فهذا يَحتاج إلى دليل.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [إِنَّهُ مُتَكِئٌ على عَصاهُ] فيه دليل مِن الآية؛ لقوله تعالى: {فَلَمَّا خَرَّ} وهذا لا يُمكِن إلَّا وهو مُتَّكئ.

قال تعالى: {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} مَصدَر: أُرِضَتِ الخَشَبةُ، بالبِناء للمَفعول: أكَلَتْها الأَرَضة، وكلِمة {الْأَرْضِ} هل المُراد بها الجِنْس أي: الدَّابَّة التي تَكون في الأرض، أو المُراد بها المَصدَر؟

الجوابُ: أن المُفَسِّر يَرَى أن المُراد بها المَصدر مَأخوذٌ من قوله: (أُرِضَتِ الخَشَبة)، يَعنِي: أَكَلَتْها الأَرَضة، يَعنِي: ما دلَّهم على مَوْته إلَّا الدابَّة التي تَأرِضُ الخشَب، فعليه يَكون كلمة أرْض مَصدَر: (أَرَضَ يَأرِضُ أَرْضًا) مثل (ضَرَبَ يَضرِبُ ضَرْبًا)، هذا تَقرير كلام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ، وما قرَّره بعيدٌ من مَفهوم الآية؛ لأنَك عندما تَفهَم {إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} ما تَفهَم الذي قَرَّره المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ، بلِ الذي يَتَبادَر إلى الذِّهْن أنَّ المُراد بالأَرْض الجِنْس، يَعنِي: إلا الدابَّة التي تَخرُج من الأرض.

وقوله تعالى: {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ}.

فَإنْ قِيلَ: هل تَأْكُل الأَرْض أَجْساد الصالحِين؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015