وعلى هذا فيُمكِن أنَّ نَقول لمَنْ صَوَّر صُورة شَجْرةٍ ونَحَتَها من جِسْم نَقول له: إنَّ هذا تِمْثال للشَّجَرة، وكذلك نَقول لمَن نَحَتَ خَشَبًا أو حَجَرًا على صورة حَيوان نَقول: إن هذا تِمْثالٌ.
والمُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ جزَم بأن المُراد بالتَّماثيل ما كان تِمْثالًا لحَيَوان؛ ولهذا قال: أَوْ صُوَرًا. وكلّ شَيْء مَثَّلْتَه بشيءٍ هذا أَصْلُ التّمثال أو صُوَر النُّحاس وزُجاج ورُخام، والنّحاس مَعروف، والزُّجاج أيضًا مَعروف، والرّخام.
وأما قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [وَلَمْ يَكُنِ اتِّخَاذُ الصّوَرِ حَرَامًا فِي شَرِيعَتِهِ] فهذا مَبنِيٌّ على أن المُراد بالتَّماثيل تمَاثيلُ ما يَحرُم تَصويره كالحَيوان من إنسان وغيره، ولكن نَقول: إنَّ هذا لا يَلزَم أن يَكون المُراد بالتَّماثيل هي صُوَر الحَيوان، فمن الجائِز أن يَنحِتوا له مِمَّا ذُكِر من النُّحاس والزُّجاج والرُّخام، كأن يَنحِتوا له أشياءَ على صُوَر شجَر، ويُقال: إنَّ هذا تِمْثال.
ويُوجَد الآنَ مُجَسَّمات يَجعَلونها على صُورة نَخْلة، وعلى صورة سَيْف، وعلى صورة قَصْر، وما أَشبَه ذلك، نَقول: هذا تِمْثال. ويُوجَد أيضًا مجُسَّمات على صورة حَيوان؛ أسَد أو جَمَل أو بَقَر أو ما أَشبَه ذلك هذا أيضًا تِمْثال.
فنَقول: إن كان قوله تعالى: {مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} إنه عامٌّ لتِمْثال الحَيوان والأشجار وغيرها فنَحتاج حينئذٍ أنَّ نُجيب بما أَجاب به المُفَسِّر؛ وهو أن الصُّوَر في شَريعتهم ليست حرامًا، ولكنً ما دامَ الأمر غير لازِمٍ، إِذْ مِنَ المُمكِن أن تَكون التماثيلُ التي يَأمُرهم بها تَماثيلَ أَشياءَ يَجوز تَصويرها فلا حاجةَ إلى هذا الجوابِ.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَجِفَانٍ} جَمْعُ جَفْنَة {كَالْجَوَابِ} جَمْعُ جَابِيَةٍ وَهِيَ