* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)} [سبأ: 13].
* * *
قوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ} أي: لِسُليمانَ عَلَيْهَ السَّلَامُ، وهذا كالتفصيل لقوله تعالى: {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} كأنه قيل: ماذا يَعمَلون؟ ففَصَّل فقال تعالى: * {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ}: {مِنْ} بَيانِيَّة مُبَيِّنة للإِبْهام في الِاسْم المَوْصول، وهو قوله تعالى: {مَا يَشَاءُ} يَعنِي {مَا} اسْمٌ مَوْصول، ومَعلومٌ أن الِاسْم المَوْصول من الأَسْماء المُبهَمة.
فقوله: {مِنْ مَحَارِيبَ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أَبْنِيَةٍ مُرْتَفِعَةٍ يُصْعَدُ إِلَيْهَا بِدَرَجٍ]، فالمَحاريبُ: عِبارة عن أَبنِية مُرتَفعة ذاتِ أسوار مَنيعة قال الله تعالى في داوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21)} [ص: 21]، وأمَّا محِراب المَسجِد فيُسمَّى طاقًا.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: {وَتَمَاثِيلَ} [جَمْعُ تِمْثَالٍ، وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ مَثَّلْتَهُ بِشَيْءٍ أَيْ: صُوَرٌ مِنْ نُحَاسٍ وَزُجَاجٍ وَرُخَامٍ وَلَمْ يَكُنِ اتِّخَاذُ الصّوَرِ حَرَامًا فِي شَرِيعَتِهِ]، التَّماثيلُ: جَمْع تِمْثال وهو ما صُوِّر على مِثال شيءٍ آخَرَ، فكُلُّ ما صُوِّر على مِثال شيءٍ آخَرَ؛ فإنه يُقال: تِمْثال له.