* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء: 29].
* * *
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قَالَ} فِرْعَوْنُ لمُوسَى: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ}]، بعد أنِ انقطعَ بِهِ سُلطانُ الحُجَّة والبُرهان عدَلَ إِلَى سلطانِ القوَّةِ والتهديدِ؛ فهكذا العاجزُ عن ردِّ الحجةِ بالحجةِ يَعْمِد إِلَى القوةِ إذا كَانَ له سلطانٌ، وهذا له سلطانٌ عَلَى مُوسَى، ولهذا هَدَّدَهُ بقولِهِ: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي} لم يقلْ: لَئِنْ دَعَوْتَ إِلَى اللهِ فقطْ، يعني: يريد منه أن يَمْتَنِع عنِ الدعوةِ إِلَى اللهِ بالأولى، وأن لا يَتَّخِذَ إلهًا سواه، وفي هَذَا دليلٌ عَلَى أنَّ فِرْعَوْن كَانَ ينكرُ أن يكون هناك ربّ سواه، وأن قوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 24]، صفة كاشفةٌ وليستْ صفةً مُقَيِّدَةً؛ لِأَنَّهُ لا يَعْتَقِد أن هناك ربًّا سِواهُ.
وقوله: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ} فيه شيئانِ يَحتاجانِ إِلَى جَوابٍ: الشَّرطُ والقَسَم، والموْجودُ هنا جَوابُ القسمِ وليسَ جَوابَ الشَّرطِ؛ فكلمة {لَأَجْعَلَنَّكَ} ليستْ جَوابَ شرطٍ، بل جَواب قَسَمٍ، ولهذا أُكِّدَتْ بالنونِ واللامِ، فهي جَوابُ قَسَمٍ، وهذه هِيَ القاعدة؛ يقول مالك (?):