* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: 210 - 212].
* * *
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ} بِالْقُرْآنِ {الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي} يَصْلُح {لَهُمْ} أَنْ يَنْزِلُوا بِهِ {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} ذَلِكَ، {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ} لِكَلَامِ المَلَائِكَة {لَمَعْزُولُونَ} بِالشُّهُبِ].
قد يكون ما قاله المُفَسِّر حقًّا من أنَّ هذا ردٌّ لقولِ المشركينَ، وقد يكونُ هذا من تكميلِ قَوْلهِ: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 192 - 193]، فقال: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ} أي: [بالقُرآنِ {الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي} يصلح {لَهُمْ} أن ينزلوا به، {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} ذلك]، أي أن الشياطينُ ما تنزلتْ بالقُرآنِ، بخِلاف أقوالِ الكهَّان، فإن الشياطينَ تَنَزَّلَتْ بها، أمَّا القُرآنُ فما تنزلَّتْ به الشياطين.
ثم قال: {وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ} يَعْنِي ما يَليق أبدًا أن يَنزِلوا به، ثم قال: {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ}، وهذا تدرُّج، يَعْنِي ما يمكِن أن ينزِلوا بالقُرآنِ.
فهو أوَّلًا قال: إنَّهم ما نَزَلوا، وكونهم ما نَزلوا ما يدلُّ على أنَّ هذا غيرُ لائقٍ بهم، ثم إنه غير مُمْكِن في حَقِّهم. فهذا فيه ترتيبٌ:
أوَّلًا: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ} نفيٌ لِتَنَزُّلهِم به، لكن لا يَنفي أن يكونَ مُمْكِنًا في حقِّهم،