* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ (120) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 119 - 122].
* * *
قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} المَمْلُوء مِنَ النَّاس وَالحَيَوَان وَالطَّيْر، {ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ} بَعْد إنْجَائِهِم {الْبَاقِينَ} مِنْ قَوْمِه، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}].
قال الله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ} الفاءُ للسببيَّة، أي: فبسبب دعائِهِ أنجيناهُ، وهي معَ إفادتها السَّبَبيَّة تفيد أيضًا التَّعْقِيبَ، {وَمَنْ مَعَهُ} معَ أنَّ دعاءه: {وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 118]، فكلمة: {وَمَنْ مَعَهُ} أعمُّ.
فما هي الحكمة في ذلك؟
ذلك لأنَّه صَحِبَ معه بعض الحيواناتِ والمخلوقات، وأخذَ من كلٍّ زوجينِ، فهذه لا تلصقُ في الإيمانِ أو عَدَمه.
وقد نقول: لعلَّه ما قَصَدَها أيضًا من نوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في دُعائه، فما كَان - فيما يظهر - يَدُور في ذِهْنِهِ أن الله يُنجي هذه المخلوقاتِ الأخرَى، بل قال: {وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.