ولكن قد يُقال: إنَّ نوحًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَريعته تخالِف شَريعَتَنَا، ولا مانعَ منْ أنْ تختلفَ الشرائعُ بمثلِ هذا، وأيضًا فإن نوحًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مكَثَ في قومِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، وكلَّما دَعَاهُم ازدادوا إصرارًا واستكبارًا، فما كانَ للصبرِ عليهم فائدةٌ، لكنَّه لم يهاجرْ منهم كما فعل يونسُ، بل بَقِيَ فيهم، حتى عَذَّبَهُمُ اللهُ.
وهل كون الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - دعا على المَلَأِ من قُريشٍ، يدلُّ هذا على جوازِ الدُّعاءِ؟
نقول: نعم، لكنَّه مُنِع منه في آخِرِ الأمرِ، وهو دعا على الملأِ من قريشٍ في مكَّة قبلَ أن يُهاجِرَ، ففي الأخيرِ مُنِع {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128].
* * *