* * *
* قال الله تعالى: {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} [الشعراء: 99].
* * *
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمَا أَضَلَّنَا} عنِ الهُدَى {إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} أي: الشياطين]، يعني: شياطين الإنس والجِنِّ، هكذا يَجِبُ، والمُجْرِمُ: فاعلُ الإجرامِ، ويُطْلَقُ كثيرًا فِي القُرآنِ عَلَى الكافرِ، والمَعْنى: ما أَضَلَّنَا إلَّا أهل الكُفْر والإجرام، الَّذين اعْتَدَوْا علينا بهذا الإضلالِ، ولكن حقيقةً هم ما اعْتَدَوْا عليهم؛ لأنَّهم هم الَّذين انقادوا لهذا الكُفْرِ، قال تعالى: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر: 47 - 48] , وفي سُور سَبَأ {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ: 33].
فالكفَّار الَّذينَ تَبِعُوا المُسْتَكْبِرِينَ لا عُذْرَ لهم عندَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى وإنْ سبُّوهم، وقالوا: إنهم مُجْرِمُونَ؛ فإن ذلكَ لَيْسَ بِعُذْرٍ، فإنهم قد أعطاهم اللهُ تعالى العقولَ والإدراكَ، وأرسلَ إليهم الرُّسُلَ، وأنزلَ عليهم الكتبَ، فما بَقِيَتْ لهم حُجَّة فِي أنْ يَحْتَجُّوا بأن هَؤُلَاءِ أضلُّوهم.