بَدَنَ بَعْضِ النَّاس لا تأكله الأَرْض؛ على نوعٍ من الكرامَةِ.

وقوله تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} فيها قراءَةٌ: بتحقيقِ الهَمْزَتين، وتسهيل الثانيةِ، وإدخال ألِفٍ بينهما على الوَجْهَين في الموضعَيْنِ، وحصار عجيب، وفي تحقيق الهمزتين في الموضعين فيُقْرَأ: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} هذا التَّحْقيقُ، وإدخالُ ألف بين هَمْزَتين محقَّقَتَيْنِ: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} هذا إدخالُ الأَلِف، فعندنا ثلاثَةُ ألفاتٍ؛ وتسهيل الثانية (أَيِذَا) لا تجعلها مُحَقَّقة بل بين الهمزة والياء: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} بدون ألف، وبألف {أَإِذَا} لا تُبَّينْ هذا، واجعلها بين الهمزة والياء، إذن فالقراءاتُ أَرْبَعٌ.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ} بالبعث {كَافِرُونَ}] يعني: {بَلْ} هنا للإضراب الإبطاليِّ؛ يعني: بل الأَمْرُ ليس كما شَبَّهوا ولبَّسُوا، فهم يعلمون قُدْرَة الله لكنَّهم جاحدون: {بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ}.

وقوله تعالى: {بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ} متعلِّقٌ بـ {كَافِرُونَ} و {كَافِرُونَ} خبرُ المبتدأِ {هُمْ} أي: بل هم كافرون بلقاءِ ربِّهِم أو بملاقاتِهِ. ومتى تكون الملاقاةُ؟

الجوابُ: تكون بالبَعْثِ، ومن كذَّبَ بلقاءِ الله فقد كفر بالله؛ ولهذا قال المُفَسِّر مفسِّرًا لها بالمراد لا بالمعنى؛ قال: [بالبعث] وإلَّا فهي أخصُّ من البَعْث؛ فاللِّقاءُ بمعنى الملاقاةِ {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الإنشقاق: 6] الإنسانُ أيُّ إنسانٍ {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الإنشقاق: 7] إلى آخره.

فهؤلاء الكافرونَ بلقاء الله؛ لأنَّهُم لا يؤمنون بالبَعْثِ، ومن لم يُؤْمِنْ بالبَعْث لم يؤمِنْ بلقاءِ الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015