الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الإنسانَ جِسْمٌ، ولا يكون إنسانًا إلا بالرُّوحِ؛ لقوله تعالى: {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ}.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: ومنها - وليس بذاك القويِّ -: أنَّ الرُّوحَ جِسْمٌ؛ لأنَّها تُنْفَخُ في هذا الجِسْم البائِدِ، وهو كذلك، فإنَّ الرُّوح جِسْمٌ لكنَّها جِسْمٌ لطيف لا يُرَى، مع أنَّ الملائِكَة تَقْبِضُه وتَجْعَلُه في الحَنُوط وتَصْعَدُ به إلى السَّماء، لكن نحن لا نراه عندما تَخْرُج رُوحُ الميِّت ونحن عنده.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: بيان نِعْمَةِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على الإنسانِ بجَعْل السَّمْع والأَبْصارِ والأَفْئِدَة التي بها إدراكُ المعقولِ وعقله؛ فإدراكُ المَعْقولِ بالسَّمْع والبَصَر، وعقله بالقَلْبِ ووَعْيه.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ الإنسان قليلُ الشُّكْر؛ لقوله تعالى: {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} كما أنَّ الشَّاكِرَ قليل أيضًا، فالشاكِرُ قليلٌ والقائِمُ بالشُّكْر على الوَجْهِ المطلوبِ قليلٌ؛ قال الله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]، والشَّاكِرُ قليلٌ؛ لأنه من حيث الأفرادُ والأشخاصُ واحِدٌ في العَشْرة، وهذا قليلٌ، ونَفْسُ الواحِدِ هذا أيضًا شُكْرُه قليلٌ، فالشَّاكِرُ قليلٌ، وشُكْرُ الشَّاكِرِ أيضًا قليلٌ.
فقوله تعالى: {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} هذا باعتبارِ شُكْرِ الشَّاكِرِ، وقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} باعتبارِ الأَفْرادِ الشَّاكرينَ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: ذَمُّ من لا يَشْكُرُ؛ لقوله تعالى: {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّه ينبغي للإنسانِ أن يكون شُكْرُه على حَسَبِ النِّعْمَةِ؛ ففي السَّمْعِ يَسْتَعْمِل السَّمْعَ فيما يُقَرِّبُ إلى الله وَيمْنَعُه عما حَرَّم الله، وكذلك في البَصَر؛