وقوله تعالى: {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} قال رَحِمَهُ الله: [أوَّلُها الأَحَدُ، وآخِرُها الجُمُعَة] وقد فصَّل الله تعالى هذه الأَرْبَعَة في سورة فُصِّلَتْ، وقال تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 9 - 10]؛ فالآن خَلْقُ الأَرْضِ في أَرْبَعَة أيَّامٍ، ثمَّ قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 11 - 12] فتكون الأيامُ ستَّة: أوَّلُها الأحَدُ وآخرها الجمعة.
وهل هذه الأيام كأيَّامِنا؟ أو كُلُّ يومٍ مقدارُهُ ألفُ سَنَةٍ؟ أو هي أيام بمعنى ساعاتٍ أو لحظاتٍ؟
أقوالٌ؛ فمنهم من قال: إنَّها أيَّامٌ؛ يعني لحظات؛ لأن الله إذا أرادَ شيئًا قال له: {كُن فَيَكُونُ} [البقرة: 117] وعبَّر بالأيَّامِ عن مطلَقِ الزَّمَن، ومنهم من قال: إنَّها أيَّام كلُّ يومٍ منها مقدارُهُ ألفُ سنةٍ، فتكون سِتَّةَ آلافِ سَنَة، ومنهم من قال: إنَّها أيَّام كأيامِنا، وإنَّ الأيام أُطْلِقَت والمرادُ بها هذه الأيَّامُ المعروفَةُ، لاسيَّما وأنَّه في سورة فُصِّلَتْ: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ}، {فِي يَوْمَيْنِ} ولا يمكن أن نَخْرُجَ من قراءةِ القرآنِ عن معهودِ المَعْروفِ في اللُّغَة العربيَّة.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هذا القَوْلُ وإن كان ظاهِرَ القرآن يَرِدُ عليه أمرانِ:
الأمر الأوَّل: أنَّه لمَّا خَلَقَ السَّمواتِ والأَرْضَ ليس هناك شمسٌ حتى تُحدَّدَ بالأيَّامِ؛ فماذا نقولُ؟
الأمر الثَّاني: أن يُقال: لماذا سِتَّةُ أيام؟ ولماذا لم تكن في لحظَةٍ، أو تكون في أيامٍ طويلةٍ جدًّا في لحظة باعتبارِ قُدْرَةِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {كُن فَيَكُونُ} مهما عظُمَ الشَّيءُ،