أنَّها اسمٌ موصولٌ؛ أي: لِتُنْذِرَ قومًا الذي أتاهُم مِن النُّذُرِ قبلك؛ يعني: تُنْذِرُهم العذابَ، وعلى هذا الرَّأي تكون (ما) اسمًا موصولًا، وهو المفعولُ الثاني في الجملة، لكنَّ الذي مشى عليه المُفَسِّر أَصْوَبُ: أنَّ ما نافية.

والخلاصةُ في إعراب (ما) قولانِ:

أحدهما: أنَّها نافِيَة، فيكون معنى الآيَةِ الكريمة: لِتُنْذِرَ قومًا لم يَأْتِهِمْ نذيرٌ قبلك.

القولُ الثاني: أنَّ ما اسمٌ موصولٌ؛ أي: لِتُنْذِرَ قومًا الذي أتاهم من النُّذُر قبلك.

والصَّواب الأوَّل.

والعرب لم يُرْسَلْ إليهم رسولٌ بعد إسماعيلَ إلا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أَنا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ" (?) في قوله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ ... } إلخ.

وقوله تعالى: {مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ}، إِذَا قَالَ قَائِلٌ: ما هي الفائِدَةُ في وَصْف هؤلاء القومِ لِكَوْنِهِمْ لم يأتِهِمْ نذيرٌ من قبلُ؟

الجوابُ: الفائِدَة في ذلك أمران:

الأمرُ الأوَّلُ: بيانُ شدَّة حاجَتِهِم إلى الرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وأنَّهم في غايَةِ ما يكون من ضرورةٍ إلى بَعْثَتِه.

الأمرُ الثَّاني: بيانُ نِعْمَة الله عليهم بهذا الرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ حيث إنَّه هو الرَّسولُ الذي أتاهم ولم يَأْتِهِمْ نذيرٌ مِن قبلِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015