* قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ} [الزخرف: 15].
قَوُلهُ: {وَجَعَلُوا} الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى مُشرِكي قُريشٍ. أَي: صَيَّروا {لَهُ} أَي: لله {مِنْ عِبَادِهِ} أَي: مِنْ مَخلُوقَاتِهِ، وجَمِيعُ المَخلُوقَاتِ عِبَادٌ لله عَزَّ وَجلَّ، والمُرادُ بالعِبَادِ هُنَا: الملائِكَةُ {جُزْءًا} أَي: بَعْضًا مِنْهُ، حَيثُ قَالُوا: الملائِكَةُ بنَاتُ اللهِ، واليَهُودُ قَالُوا: عُزَيرٌ ابْنُ اللهِ، والنَّصارَى: قَالُوا المَسيحُ ابْنُ اللهِ.
وقَولُهُ: {جُزْءًا}، لأنَّ الولَدَ جُزْءٌ مِنْ أَبيهِ، كما قَال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ابْنَتِهِ فاطَمَةَ - رضي الله عنها -: "إِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُهَا مَا رَابَنَي" (?)، وَذلِكَ حِينَما تَحدَّثَ النَّاسُ أن عليَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ يُرِيدُ أَنْ يَتزَوَّجَ علَيها بنْتَ أَبِي جَهْل فأَنْكَرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ذَلِكَ وقَال: "لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُوْنَ بِنْتُ نَبِيِّ اللهِ مَعَ بِنْتِ عَدُوِّ اللهِ".
إذَنِ: الجُزْءُ البعْضُ، والقَائِلُ ثلَاثَةُ أصنَافٍ مِنَ النَّاسِ: المُشرِكُونَ، واليَهُودُ، والنَّصارَى.
فهَؤُلاءِ المُشرِكُونَ -والعِيَاذُ باللهِ- جعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا، وتَأمَّلْ قَولَهُ: