{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195] ثَلَاثُ آيَاتٍ.

واللِّسانُ العَربيُّ لمْ تُوضَعْ فِيهِ حُرُوفٌ هِجَائيَّةٌ لهَا مَعْنًى، وإنَّما وُضِعَتْ فِيهِ حُرُوفٌ هجَائيَّة لتَركِيبِ الكَلَامِ مِنْهَا، وهِيَ فِي اللُّغةِ العَربيَّةِ ثَمانيَة وعِشرُونَ حَرْفًا، عنْدَما تَقْرَأُ: ألفٌ، بَاءٌ، تَاءٌ، ثَاءٌ، جِيمٌ، حَاءٌ، خَاءٌ، فلَيسَ لَهَا مَعْنًى، إنَّما هِيَ حرُوفٌ تُكوَّن منهَا الكلمَاتُ، فإِذَا كَانَتْ كذَلِكَ -والقُرآنُ الكَرِيمُ نَزَل بلِسَانٍ عَرَبيٍّ -؛ فإنَّنَا نَجْزِمُ بأنَّهُ ليسَ لهَذِهِ الحرُوفِ مَعْنًى، وإذَا كَانَ قَدْ أَرَادَ بهَا شَيئًا نَقُولُ: لَا يُمكِنُ أَنْ يُريدَ بهَا شَيئًا وهُوَ نَازِلٌ باللِّسانِ العرَبيِّ، واللِّسانُ العرَبيُّ لَا يَجْعَلُ لهذِهِ الحُرُوفِ الِهجَائيَّةِ مَعْنًى، فنحْنُ نَجْزِمُ لقَولِهِ: {عَرَبِيٌّ} [النحل: 103] (?).

فقَولُهُ: {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1 - 2] فـ {طه} ليسَ اسْمًا مِنْ أسمَاءِ الرَّسُول، بَلْ هِيَ مِثْل {الر}، {حم}، حَرْفَانِ هِجائِيَّانِ ليسَ لهُمَا مَعْنًى، وإِذَا قَال الإنسَانُ: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ} خِطَابٌ؟

نَقُوُل: إذَنِ اجْعَلْ {ن} مِنْ أسمَاءِ الرَّسُول؛ لأَنَّ اللهَ قَال: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 1 - 2] وَلَا قَائِلَ بِهِ.

فإِذَا قَال قَائِلٌ: مَا الفائِدَةُ مِنْ هَذه الحرُوفِ الهِجَائيَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا معْنًى فِي حَدِّ ذَاتِهَا؟

أَقُولُ: الفَائدَةُ أَشَارَ إليهَا شَيخُ الإسلَامِ ابْنُ تَيمِيَّةَ (?) وغيرُهُ مِنَ العُلمَاءِ الَّذِينَ سَبَقُوهُ ولحِقُوهُ رَحِمَهُم اللهُ وهِيَ التَّنبيهُ عَلَى أَنَّ هَذَا القُرآنَ الكَرِيمَ الَّذِي عَجَزَ النَّاسُ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015