يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} [آل عمران: 180] بِالْيَاءِ مِنْ «يَحْسَبَنَّ» وَقَرَأَتْهُ جَمَاعَةٌ أُخَرُ: (وَلَا تَحْسَبَنَّ) بِالتَّاءِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَحْسَبَنَّ الْبَاخِلُونَ الْبُخْلَ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ يَبْخَلُونَ مِنَ الْبُخْلِ، كَمَا تَقُولُ: قَدِمَ فُلَانٌ فَسُرِرْتُ بِهِ، وَأَنْتَ تُرِيدُ فَسُرِرْتُ بِقُدُومِهِ، وَهُوَ عِمَادٌ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ: إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ) لَا تَحْسَبَنَّ الْبُخْلَ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ، فَأَلْقَى الِاسْمَ الَّذِي أَوْقَعَ عَلَيْهِ الْحُسْبَانَ بِهِ وَهُوَ الْبُخْلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْحُسْبَانَ، وَذَكَرَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، فَأَضْمَرَهُمَا إِذْ ذَكَرَهُمَا، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ مِنَ الْحَذَفِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا، قَالَ: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مِنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتِلَ} [الحديد: 10] وَلَمْ يَقُلْ: وَمَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِ الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: {أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ} [الحديد: 10] كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ عَنَاهُمْ. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّ {مَنْ} [البقرة: 4] فِي قَوْلِهِ: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ} [الحديد: 10] فِي مَعْنَى جَمْعٍ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ فِي مَنَازِلِهِمْ وَحَالَاتِهِمْ، فَكَيْفَ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِ الْفَتْحِ؟ فَالْأَوَّلُ مُكْتَفٍ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015