القول في تأويل قوله تعالى: قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد للذين وصفت لك صفتهم من المنافقين: لو كنتم في بيوتكم لم تشهدوا مع

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلَّذِينَ وَصَفْتُ لَكَ صِفَتَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَمْ تَشْهَدُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَشْهَدَهُمْ، وَلَمْ تَحْضُرُوا مَعَهُمْ حَرْبَ أَعْدَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيَظْهَرُ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا كُنْتُمْ تُخْفُونَهُ مِنْ نِفَاقِكُمْ، وَتَكْتُمُونَهُ مِنْ شِرْكِكُمْ فِي دِينِكِمْ، {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ} [آل عمران: 154] ، يَقُولُ: لَظَهَرَ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ مَصْرَعُهُ فِيهِ مَنْ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ مِنْهُمْ، وَيَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يُصْرَعَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصْرَعَ فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} [آل عمران: 154] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ كُنْتُمْ تَبْرُزُونَ مِنْ بُيُوتِكُمْ إِلَى مَضَاجِعِكُمْ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} [آل عمران: 154] وَلِيُخْتَبِرَ اللَّهُ الَّذِي فِي صُدُورِكُمْ مِنَ الشَّكِّ، فَيُمَيِّزُكُمْ بِمَا يُظْهِرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِفَاقِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى أَنَّ مَعَانِيَ نَظَائِرِ قَوْلِهِ: {لِيَبْتَلِيَ اللَّهُ} [آل عمران: 154] {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ} [آل عمران: 140] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي ظَاهِرِ الْكَلَامِ مُضَافًا إِلَى اللَّهِ الْوَصْفُ بِهِ، فَمُرَادً بِهِ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَهْلُ طَاعَتِهِ؛ وَأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلِيَخْتَبِرَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015