الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَطَائِفَةٌ مِنْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ، يَقُولُ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ لَا هَمَّ لَهُمْ غَيْرُ أَنْفُسِهِمْ، فَهُمْ مِنْ حَذَرِ الْقَتْلِ -[165]- عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَخَوْفِ الْمَنِيَّةِ عَلَيْهَا فِي شُغْلٍ، قَدْ طَارَ عَنْ أَعْيُنِهِمُ الْكَرَى، يَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ الْكَاذِبَةَ، ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ، شَكًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَتَكْذِيبًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَحْسَبَةً مِنْهُمْ أَنَّ اللَّهَ خَاذِلٌ نَبِيَّهُ، وَمُعْلٍ عَلَيْهِ أَهْلَ الْكُفْرِ بِهِ، يَقُولُونَ: هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ